دعوة بعبدا: هل هي في الزمان والمكان الملائمين؟… مرسال الترس

العديد من المراقبين يعتقدون ان الدعوة التي وجهها قصر بعبدا الى رؤساء الكتل البرلمانية من اجل إطلاعهم على تفاصيل الخطة المالية والاقتصادية للحكومة كانت بمثابة حصاة ألقيت في سطح بحيرة هادئة، فاحدثت ترددات تفاوتت أحجامها ارتباطاً بقربها أو بعدها عن مركز الصدمة، وأعتبروا أنها خطوة في زمان ومكان غير ملائمين من منطلق أن العهد يرغب بتسويق مشروع إصلاحي لحكومة يُفترض وفق النظام اللبناني ان تَعمد هي نفسها الى هذا التسويق، وتتحمل نتائج النجاح والفشل، فإذا نجحت يكون العهد أول الداعمين والمستفيدين، واذا فشلت فليس من صالحه أن يضيف الى سجله المليء بخيبات الأمل والاصلاح وهو أطل على النصف الثاني من ولايته.   

بالتاكيد ليست لدينا المعطيات التي لدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي بادر الى الدعوة وهو الذي أعتمد هذا الأسلوب في عدة مفاصل محورية من أداء العهد كخطة تواصل مع الأفرقاء السياسيين في لبنان الذين اثبتوا منذ الأستقلال أنهم “لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب”، الأمر الذي أوصل البلاد الى حال من الضياع، فكيف بعهد شكّل عند انطلاقته شبه إجماع لتجره المطبات الى سوء التقدير، بخاصة وأن بعض المستفيدين من فشل العهد يتحدثون عن نصائح سفراء غربيين في التوجه الجديد. 

الموالون للعهد وفي مقدمهم التيار الوطني الحر رفعوا لواء أنه عَمِل بجد لإعادة حقوق المسيحيين التي سُلبَت منذ الطائف، ولكنهم وقعوا في فخ اقتناعهم ان ذلك التيار هو الممثل الأقوى للمسيحيين وبالتالي فان من حقهم الحصة الأكبر، الأمر الذي ولّد عداءات جمّة لعهد الأصلاح والتغيير في البيئة المسيحية قبل أية طوائف أخرى.

أما المنتقدون فيأخذون على العهد أنه يسعى الى نسف أسس اتفاق الطائف الذي أُقر في أواخر ثمانينات القرن الماضي والذي قَلّص صلاحيات رئيس الجمهورية الماروني لصالح موقع رئاسة الحكومة السني، مع علم اليقين لدى هؤلاء المنتقدين أن أي تغيير في الدستور اللبناني لا يحصل برغبة لدى رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو رئيس مجلس النواب وإنما بتوافق جميع الافرقاء وهذا لم يحصل عملياً الاّ في فترة الاستقلال، وبالتالي فإن أي تغيير جذري يستوجب صراعات قد تكون دموية او ما يوازيها وليس أقل من ذلك، لأن أياً من الافرقاء لن يتخلى عما هو له بالحسنى، ولأن هناك دأئماً أيدٍ خفية تعمل على تسعير الخلافات بين اللبنانيين وتجعلهم يخشون بعضهم البعض طائفياً ومذهبياً!.

وبين المنتقدين والموالين هناك فئات عقلانية ركّزت على تذكير العهد بأنه سبق وتبنى سياسات حكومتي الرئيس سعد الحريري التي كانت تنتقل من نكسة  الى أخرى ويتم إلقاء نتائج الفشل على العهد. وعليه، هل على الأفرقاء ان يأتوا الى بعبدا للاستماع الى شروحات عن خطة؟، أم الأجدى أن تسارع الحكومة الى تسييل خططها باجراءات ملموسة تخفف من النقمة الشعبية ولاسيما في المجالات المالية والاجتماعية؟..


مواضيع ذات صلة:

  1. مَن يتّهم مسيحيي لبنان بالعمالة لاسرائيل؟… مرسال الترس

  2. عندما تختلط ″الكورونا″ اللعينة بالاعتبارات الموبوءة!… مرسال الترس

  3. هل يستطيع الحريري العودة الى السراي بعد مئة يوم؟… مرسال الترس


 

Post Author: SafirAlChamal