حكومة منفصلة عن الواقع.. السلم الأهلي مهدد والأولوية للأمور المالية!!… غسان ريفي

لم تصل أصداء صرخات الغضب على جنون الدولار وإرتفاع الأسعار التي ملأت شوارع لبنان امس الى السراي الحكومي، ولم يخترق دخان إحراق المصارف والاطارات أبواب قاعة مجلس الوزراء، الذي تحصن رئيسه ووزراءه بـ”الكمامات” التي يبدو أنها أفقدتهم حواس “الشمّ السمع والبصر”، فعقدوا جلستهم وكأنهم في كوكب آخر بعيدا عن أزمات اللبنانيين ومعاناتهم، وخرجوا ببيان لم يتطرق الى أي من هموم الناس الذين يلفهم الفقر ويتهددهم الجوع، ما أدى الى إنفجار غضبهم في الشوارع.

يمكن القول، إن الاعلام حاول نوعا ما الحفاظ على ماء وجه الحكومة، فلولا أن أصرت بعض الزميلات على سؤال الوزيرة منال عبدالصمد بعد إنتهائها من تلاوة البيان، عن “صرخات الناس والخطوات التي يمكن أن تتخذها الحكومة تجاههم”، لكانت إنتهت الجلسة وغادر الوزراء من دون أي إشارة لما يحصل في الشارع.

وما يؤكد أن الحكومة لم تتنبه لما يجري على الأرض، هو الاجابة المرتبكة للوزيرة عبدالصمد التي أبلغت اللبنانيين بأن “الوضع سيء”، وأستعارت من حسان دياب نظرية المؤامرة لتؤكد أن التحركات خرجت عن إطار المطالب الشعبية المحقة.

بالأمس كان السلم الأهلي مهددا، وكاد الانفجار الاجتماعي أن يؤدي الى ما لا يحمد عقباه لولا حكمة الجيش، وشهدت المناطق اللبنانية مواجهات في الشوارع أسفرت عن شهيد وعشرات الجرحى من المدنيين والعسكريين، وإعتداءات على الأملاك العامة والخاصة، وإحراق مصارف وتكسير أخرى، وإستهداف لمصرف لبنان من الحمراء الى صيدا، وإطلاق نار ورمي قنابل، كل ذلك ورئيس الحكومة حسان دياب كان منشغلا في الرد على وليد جنبلاط من دون يسميه ليضاعف من الاستفزاز السياسي، وكان مجلس الوزراء برئاسته يناقش أمورا مالية، ويقر تفعيل التدقيق الضريبي، والتحقيق المحاسبي، وتطبيق المادة الخامسة من قانون السرية المصرفية، والرقابة المؤخرة لديوان المحاسبة، ويكلف مزيدا من مكاتب التدقيق التي تكلف أموالا طائلة من جيوب اللبنانيين، من دون أن يفكر في زيادة بند على جدول أعمال الحكومة يناقش من خلاله جوع اللبنانيين وفقرهم ودولارهم الذي بلغ أربعة آلاف ليرة.

من الواضح أن حسان دياب راض في أن يكون رأس حربة لتيار سياسي يريد إستهداف المعارضين الى حدود الإلغاء، وهو مستمر في الارتجال الذي أدى الى سلسلة إخفاقات في كثير من الملفات بدءا التعيينات المالية والقضائية وصولا الى عرقلة المساعدات التي ما يزال اللبنانيون ينتظرون حصولهم عليها منذ أكثر من شهر، وهو ربما سكر أمس باتصال وزير الخارجية الفرنسي، وبزيارة السفيرة الأميركية، كون ذلك يوحي بتخفيف الحصار الذي ما يزال يرخي بظلاله القاتمة على الحكومة، متناسيا أنه إذا لم يبادر الى معالجة الاوضاع المالية والمعيشية والاجتماعية بأقصى سرعة فإن حصار الشارع الغاضب سيكون أقسى بكثير من الحصارين الغربي والعربي.

لم يعد يختلف إثنان على أن الحكومة بدأت تشكل كيانا منفصلا بشكل كامل عن الدولة اللبنانية، وربما منفصل عن الواقع، خصوصا أن اللبنانيين في واد، وهي ووزراؤها في واد آخر، فلا توجد دولة تجتاح شوارعها التظاهرات والاعتداءات والمواجهات الى حدود تهديد السلم الأهلي، وتنشغل حكومتها بأمور مالية من أن دون إتخاذ أي قرار أو تدبير يخفف من غضب الناس، إلا إذا كانت دولة فاشلة!..


مواضيع ذات صلة:

  1. صراع دياب ـ سلامة.. إضعاف لرئاسة الحكومة!!… غسان ريفي

  2. هل يعلم رئيس الحكومة أن الدولار تجاوز عتبة الثلاثة آلاف ليرة؟!… غسان ريفي

  3. كل شيء في لبنان بات يستدعي ثورة!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal