فتح ساحة النور يعيد الحياة الى طرابلس.. والى الثورة!… خاص ـ سفير الشمال

تشكل ساحة عبد الحميد كرامي (النور) شريانا أساسيا ووحيدا في طرابلس، كونها تضم تسعة مسارب تصل كل المناطق الطرابلسية ببعضها البعض، من والى البحصاص، من والى المعرض، من والى مستديرة أبو علي، الى قبر الزيني، الى كرم القلة، والى الجميزات، كل ذلك يجعل الساحة بمثابة الوسط الحقيقي للمدينة الذي يمكن من خلاله الوصول الى كل أنحائها ومرافقها.

لطالما أغرت ساحة النور بحضورها ورمزيتها  كل التيارات السياسية والحزبية والاسلامية والشعبية التي إعتمدتها مكانا للتجمع سواء للاحتفال بمناسبة أو ذكرى أو للتعبير عن إحتجاج أو إعتراض على أمر ما، وكثيرة هي التحركات التي شهدتها على مدار سنوات طويلة، وتخللها إقفال لأيام أو أسابيع قبل أن يعاد فتحها مجددا لتضج الحياة في شرايينها وعبرها الى كل شرايين طرابلس.

مع إنطلاق ثورة 17 تشرين الأول، تحولت ساحة النور بشكل تلقائي الى مكان لتجمع الثوار والمواطنين والزوار من كل المناطق والراغبين بالتعبير عن رفضهم لسياسات السلطة والمطالبين باسقاطها، وقد عاشت الساحة أياما ذهبية شهدت خلالها حشدا بشريا غير مسبوق، حتى فاض المواطنون منها الى الشوارع المحيطة، ما إستدعى إقفالها حماية للثوار ولكل الراغبين بالتعبير عن سخطهم وغضبهم على هذه السلطة، وعلى الفور إنتشرت على جنبات الساحة البسطات لزوم التجمعات، والخيم لزوم الثورة بهدف التوعية والتوجيه.

تراجعت الثورة، وبقيت الساحة مقفلة، وتحولت شيئا فشيئا الى سوق للبسطات، والى مكان لتجمع الخيم التي بدأت تقفل أبوابها الواحدة تلو الأخرى، وسط إصرار من بعض المجموعات على أن بقاء الساحة مقفلة يحمي الثورة ويبقيها حاضرة، في وقت كان فيه هذا التدبير يسيء الى الثورة، ويثير غضب الطرابلسيين الذين يعانون من زحمة السير الخانقة عليها وعلى من يتحدث باسمها، ما جعل المطالبات تتوالى بضرورة إعادة فتحها لاعادة الحياة الى طبيعتها في الفيحاء.

دخلت طرابلس في أزمة كورونا، وبدأت تنفيذ قرارات التعبئة العامة ومنع التجول، وحل الشلل في أرجاء الساحة التي تحولت الى أطلال للثورة وكادت أن تفقد دورها الحيوي في مدينة تحتاج الى كل شبر منها، خصوصا بعدما إتخذ الجيش اللبناني تدابير أمنية فيها ومنع الدخول إليها، قبل أن تبادر قيادة الجيش الى قرار كان ينتظره كل الطرابلسيين بفارغ صبر لوضع حد لمعاناتهم ولمعاناة كل المحلات والمؤسسات المحيطة بالساحة.

مع عودة الساحة الى شرايين طرابلس علت بعض الأصوات المعترضة التي إعتبرت أن ما حصل ينهي الثورة في المدينة، لكن هؤلاء نسوا أو تناسوا أن ثورة طرابلس في النفوس والضمائر وليست في الساحات والشوارع المقفلة، وأن الثورة إنطلقت لتواجه سياسات الظلم والحرمان والاهمال التي تعاني منها طرابلس والتي لعب إقفال ساحة النور الدور نفسه في إنغلاق المدينة وعرقلة حركة السير فيها ومنع زوارها عنها.

لا يعني فتح ساحة النور إنتهاء الثورة، بل على العكس فإن الثورة تحتاج الى أن تتنفس بساحات وشوارع مفتوحة وسالكة وآمنة، وهي ستبقى مكانا للتجمع والنشاطات والتحركات للتعبير عن حاجاتها وحاجات الوطن ككل.

يمكن القول، إن إعادة فتح ساحة النور أعاد الحياة الى طرابلس، كما أعاد الحياة الى الثورة التي كاد يتخلى عنها أهلها بعدما فوجئوا بممارسات وتصرفات لا تشبههم ولا تمت الى عاداتهم وتقاليدهم وأخلاقهم بصلة.


مواضيع ذات صلة: 

  1. بالفيديو والصور: الجيش يعزز انتشاره في ساحة النور

  2. بالفيديو والصور.. طرابلس تتنفس من جديد.. إعادة فتح ساحة النور

  3. بالفيديو والصور: الجيش يزيل الخيم والعوائق تمهيدا لإعادة فتح ساحة النور بطرابلس


 

Post Author: SafirAlChamal