الحكومة تخنق لبنان بإقفال حدوده مع سوريا!؟… عبد الكافي الصمد

وأخيراً قرّرت الحكومة بعد اجتماعها يوم أمس، في إطار خطة التعبئة العامّة التي أعلنتها لمواجهة فيروس “كورونا”، إغلاق مطار بيروت الدولي والمنافذ البحرية والبرّية إبتداءً من بعد غد الأربعاء حتى 29 آذار الجاري، والتي قضت أيضاً بإقفال الإدارات العامّة والمؤسّسات الخاصّة والمدارس والجامعات، وغيرها من الإجراءات من أجل حماية اللبنانيين وسلامتهم وحفظ صحتهم.

وبدا واضحاً أن قرار الحكومة جاء منسجماً مع قرارات إتخذتها العديد من دول العالم في مواجهة فيروس “كورونا” الذي تحوّل إلى وباء، ومع دعوات وجهت من قبل جهات سياسية داخلية كانت تحضّ على اتخاذ هكذا إجراء، لكن هذا القرار الحكومي ظهرت فيه ثغرات عدّة، لعل أبرزها ما يتعلق بسوريا، ذلك أن قرار الحكومة إغلاق الحدود البرية يعني سوريا فقط، إذ هي البلد الوحيد الذي له حدود برية مع لبنان، لأنّ الحدود البرّية مع فلسطين المحتلة مغلقة منذ عقود بسبب الإحتلال الإسرائيلي.

ولعلّ الثغرة الرئيسية في قرار الحكومة وجعلها مدعاة للتساؤل، هو وضع سوريا في سلّة واحدة مع الدول التي انتشر فيها فيروس كورونا وذهب ضحيته المئات بين موتى ومصابين، مثل الصين وإيران وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا وغيرها، علماً أن سوريا لم تعلن حتى الآن بشكل رسمي ظهور أي حالة لفيروس كورونا فيها، كما أن أي جهة صحية دولية أو غيرها لم تشر إلى هذا الأمر، ما يطرح أسئلة يفترض أن تجاوب الحكومة عليها، من أبرزها: على أي أساس إرتكزت الحكومة اللبنانية في وضع سوريا ضمن الدول المحظور الذهاب إليها من لبنان، أو المجيء منها إلى لبنان بسبب فيروس كورونا؟.

قد يبرّر البعض أن الحكومة إتخذت قرارها هذا وهي تقصد به مواطنين من دول أخرى مثل العراق وإيران وغيرهما موجودين في سوريا، وهما دولتان إنتشر فيهما فيروس كورونا على نطاق واسع، لكن الحكومة لم تفسر ذلك، ولم تبعد سوريا عن لائحة الدول المحظورة بدخول رعاياها إلى لبنان، وهو تفسير مطلوب من الحكومة اللبنانية تقديمه.

وفي هذا الصدد فإن أسئلة كثيرة ستوجّه إلى الحكومة، أبرزها: خلال فترة إقفال المنافذ البرّية والبحريّة والجويّة، فمن أين سيستقدم لبنان حاجياته الأساسية من الغذاء والدواء، خصوصاً ان المستشفيات أشارت إلى أن مخزونها من المعدات والمواد الطبية قارب على النفاد، وأن هذه الأزمة سببها المصارف التي أوقفت عمليات تحويل الأموال إلى الخارج لاستيراد حاجيات لبنان، كما أن لبنان يعاني من نقص فادح في السلع الغذائية ومواد التعقيم والتنظيف والأدوية وغيرها، وهذه يمكن إستيرادها من سوريا تحديداً، نظراً لتوافرها فيها، سواء بشكل فردي أو عبر شركات، ومن شأن إقفال الحدود البرّية مع سوريا أن يوقع لبنان في أزمة حقيقية، بشكل يجعله يبدو وكأنه يحاصر نفسه، وسيجعل حركة التهريب تنشط على نطاق واسع وبشكل مضاعف عن الذي هي عليه حالياً أو في السابق.

أكثر من ذلك، فقد بدا قرار الحكومة وكأنّه خارج السياق والمنطق، إذ كان كثيرون يتوقعون أن تقوم سوريا بإغلاق حدودها مع لبنان، وليس العكس، لأن فيروس كورونا ظهر في لبنان لا في سوريا، ما طرح سؤالاً جوهرياً هل أن لبنان سيستطيع تحمّل خنق نفسه قرابة أسبوعين، وأن يخنق رئته الوحيدة، سوريا، التي كان يتنفس عبرها إبّان أزماته؟.


مواضيع ذات صلة:

  1. زيارات دياب الخارجية تربكه: دولٌ تُحرجه ودولٌ تتجاهله… عبد الكافي الصمد

  2. خلاف المستقبل ـ القوات: حكومة دياب المستفيد الأوّل… عبد الكافي الصمد

  3. الباب السّوري مخرجٌ لأزمات لبنان الإقتصادية.. هل تطرقه حكومة دياب؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal