من يقف وراء إنقلاب بكركي؟… مرسال الترس

توقف المُراقبون باهتمام كبير عند الكلام الذي خرج من “مدخنة” بكركي مطلع هذا الشهر مبارِكاً عَمل حكومة الرئيس حسّان دياب، بعكس اللهجة العنيفة التي اعتمدتها أرفع مرجعية مارونية في السنوات الماضية، والتي وصلت في ذروتها خريف العام الماضي الى حد إتهام المسؤولين عن إفقار الشعب بـ “الخيانة العظمى”.

السؤال الذي طرح نفسه هو: هل كانت المشكلة مع الرئيس سعد الحريري شخصياً، أم مع الحريرية السياسية التي أدّت سياساتها الى ما وصلت إليه البلاد من أزمات خانقة تحمل في طياتها ملامح الجوع؟. 

لم يَغب عن بال اللبنانيين أنهم في أكثر من مناسبة، وبحضور كبار المسؤولين في الدولة، تابعوا البطريرك الماروني بشارة الراعي وهو يوجّه انتقادات لاذعة كادت توصل علاقة بكركي بالدولة اللبنانية إلى حدود القطيعة:

في خريف العام الفائت، وبعد إنطلاق فعاليات الحراك التي ساندها معظم اللبنانيين في مرحلة محددة ومحدودة، كان سيد بكركي الاجرأ بين رجال الدين في لبنان، في مستوى توجيه انتقادات مؤلمة للسياسيين والمسؤولين. وقال في إحدى عظاته: “كأنّ السلطة في لبنان مستقيلة من أبسط أدوارها”، مبدياً أسفه “لأنَّه لا يحقّ على الإطلاق رهن مصير الدَّولة، بكيانها وشعبها ومقدِّراتها، لمصلحة شخصٍ أو فئة، مهما توهَّموا أنَّهم أقوياء وراسخون”. متسائلاً: “هل أضحت المسؤوليَّة السّياسيَّة عندنا للهدم والخراب والتَّعطيل؟ أليس خيانةً عظمى إفقار الشَّعب وتفكيك الدولة”؟

وفي رسالة الميلاد قال: مآسينا تأتي من ان حكامنا يرفضون تداول السلطة منذ عشرات السنين بل يتحاصصونها ويراكمون الديون، فأوصلوا الدولة الى الانهيار الاقتصادي والمالي! ثم أتهمهم بأنهم يتصرفون كالصبية محملاً إياهم المسؤولية عن خراب لبنان، وبأنهم شوَّهوا معنى السّياسة وجوهرِها!.

لكنه منذ إستقالة حكومة الرئيس سعد الحريري والوصول الى تكليف المهندس حسّان دياب، بدأ بالمهادنة داعياً الجميع ولاسيما السياسيين الى “التعالي عن المصالح الخاصة ودعم الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة”، حتى إنه قال في إحدى ابتهالاته: “نذكر في صلاتنا الرئيس المكلف الذي يتلقى الضربات من كل الجهات”. مشدداً على وجوب إعطاء الفرصة للحكومة كي تُقَدّم ما لديها قبل الحكم عليها! الى أن كان اجتماع المطارنة الشهري الاربعاء الفائت بمشاركة الآباء العامين للرهبانيات المارونية، فشدّد البيان على ضرورة تسهيل عمل الحكومة بإبعاد العراقيل السياسية عن مسيرتها وتوفير المناخات الملائمة لاستعادة وضع يد الدولة على الحركة المالية، آملاً بقرب انطلاق عملية الإنهاض المالي والاقتصادي والمعيشي!.

وبعدما دعا مجلس المطارنة للحفاظ على أموال المودعين ولا سيما الصغار من بينهم، جدِّد دعوته المُلِحَّة لأفرقاء الداخل جميعًا لوضعِ حدٍّ للسجالات السياسية والإعلامية في ما بينهم، لإنّ المأساة العامة المُحدِقة تستوجب ذلك!.. فهل الإنقلاب الذي طرأ على مواقف بكركي كان بمبادرة شخصية من البطريرك الراعي، أم بتمنيات مُلحّة من السادة المطارنة ورؤساء الرهبانيات؟. 


مواضيع ذات صلة:

  1. هل يستطيع الحريري العودة الى السراي بعد مئة يوم؟… مرسال الترس

  2. آثار المحطات الساخنة للرغبات الاميركية في لبنان؟… مرسال الترس

  3. التأرجح بين التفاؤل والتشاؤم يدفع البعض للانتحار!… مرسال الترس


 

Post Author: SafirAlChamal