التيارات السياسية تدخل شريكا مضاربا.. هل تنجح في مصادرة الثورة؟… غسان ريفي

لا يختلف إثنان على أن الثورة التي إنطلقت بزخم قوي في 17 تشرين الأول الفائت، بدأت تتراجع بشكل تدريجي، وهي اليوم تقتصر على تحركات متقطعة للتذكير بوجودها من خلال إعتصامات ومسيرات يقتصر عدد المشاركين فيها على من يهمهم الأمر، ما يطرح سؤالا محوريا عن مستقبل هذه الثورة أو الحراك الشعبي الذي نجح في بحره الشعبي الهادر بداية في إسقاط الحكومة وفي إرباك السلطة السياسية من رأس الهرم وحتى القاعدة.

يبدو لافتا، أن الثورة التي أطلقت شرارتها ضريبة بقيمة ستة دولارات فقط على تطبيق “الواتساب” وكادت أن تطيح بالنظام السياسي برمته، تركن وتتراجع اليوم أمام وصول سعر صرف الدولار الى عتبة الـ2500 ليرة، وأمام الارتفاع المطرد في أسعار السلع والمواد الغذائية والتي فاقت الـ 60 بالمئة، وأمام أزمة الخبز الناتجة عن إضراب الأفران، وأمام فيروس الكورونا الذي ما تزال الحكومة تتخبط في مواجهته ولم تتمكن حتى الآن من التصدي لمصدره، فضلا عن سائر الأزمات الأخرى صحيا وإجتماعيا وإنسانيا.

هذا الواقع، يطرح تساؤلات إضافية حول من إتخذ أو يتخذ القرار بالتحرك الشعبي الهادر؟، ولماذا هذا الاستسلام اليوم، في وقت بدأ فيه الجوع يطرق أبواب اللبنانيين المهددين بودائعهم المصرفية وبرواتبهم وبوظائفهم وبلقمة عيشهم؟، وهل نجحت السلطة في إستيعاب التحركات الشعبية وببث اليأس في نفوس الثوار والمنتفضين ما أدى الى هذا الاحجام؟.

لا شك في أن الثورة أخفقت في طرح البدائل المنطقية، ويبدو أنها بالغت في طرح الشعارات التي أظهرت الوقائع أنها غير قابلة للتطبيق في ظل النظام السياسي والطائفي، كما أنها لم تطرح قيادة موحدة على مستوى لبنان، أو مجموعة رموز أو كوادر للدخول في مفاوضات مع السلطة السياسية التي سارعت الى إستبعاد الحراك من التمثيل في حكومة حسان دياب التي جاءت نسخة مقنعة عن الحكومات السياسية الماضية، في حين إستمرت التدخلات السياسية في الوزارات والتعيينات والتشكيلات، وكذلك المحاصصة، ضاربة بعرض الحائط كل المطالب الشعبية التي نادى فيها الحراك في الشارع.

وما يثير الاستغراب هو تصدر بعض التيارات السياسية للمشهد الشعبي، حيث دخل التيار الوطني الحر شريكا مضاربا للحراك، وعمل على مصادرة شعاراته ومطالبه، وباشر تحركاته أمام مصرف لبنان للمطالبة باسترداد الأموال المنهوبة، في حين قاد الحزب التقدمي الاشتراكي ثورة على التيار الوطني الحر تحت شعار حماية وليد جنبلاط الذي يعتبر خطا أحمر بالنسبة لأنصاره، فضلا عن ثورة زرقاء إنطلقت من بيت الوسط للمطالبة بداية بعودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة ثم تم تجييرها ضد البرتقاليين بعد إعلان وفاة التسوية الرئاسية.

كل ذلك يضع الحراك الشعبي أمام تحديات جدية، فبعد إخفاقاته في تحقيق شعاراته، وفي الضغط للاتيان بحكومة تكنوقراط من المستقلين، وفي مواجهة ارتفاع سعر صرف الدولار المترافق مع غلاء يتوحش يوما بعد يوم، وفي التصدي للمصارف التي تمعن في إذلال اللبنانيين، يواجه اليوم ثورة مضادة من التيارات السياسية التي تسعى لمصادرة دوره والحلول مكانه، فهل تنجح في ذلك وتصبح الخصم والحكم؟، أم يكون للحراك موقفا آخر قد يفاجئ من خلاله السلطة التي ما تزال ترفض الاعتراف به؟.. 


مواضيع ذات صلة:

  1. في لبنان.. من لم يمت بـ″الكورونا″ مات بغيره!!!… غسان ريفي

  2. الحريري الجديد.. صديق حزب الله؟!… غسان ريفي

  3. حراك سياسي يسطو على شعارات الحراك الشعبي!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal