لبنان بين ″بصيص أمل″ لحلّ الأزمة وخطّة ″أسره″ للخارج… عبد الكافي الصمد

وسط ازدحام الأزمات التي تحاصر لبنان وتضغط على مختلف القطاعات فيه، من الأزمة الإقتصادية والنقدية والمالية، إلى أزمة فيروس ″كورونا″ التي أصابت المواطنين بالهلع، إلى القلق من اقتراب موجة الجراد التي تضرب السعودية والأردن من لبنان ما أصاب المواطنين بهلع إضافي، إلى أعلان الأفران، يوم أمس، إضراباً مفتوحاً قد يمتد أيّاماً لأن الحكومة رفضت تلبية مطالبهم، برز أمس بصيص ضوء بسيط في نهاية النفق قد يساعد لبنان في الخروج منه، لكن الوصول إليه ما يزال دونه الكثير من الوقت والإجراءات والتدابير.

بصيص الأمل هذا برز في موقفين صدرا عن دولتين داعمتين للبنان، الأول لوزير المالية الفرنسي برونو لومير أعلن فيه عن “إستعداد بلاده لتقديم المساعدة المالية للبنان”، مشيراً إلى أنّه “لا يجب خلط قضية تعافي الإقتصاد اللبناني بمسألة إيران”؛ أما الموقف الثاني فصدر عن وزير المال السعودي محمد عبد الله الجدعان، الذي قال إنّ “السعودية على تواصل مع الدول المعنية بشأن لبنان، وستواصل متابعة ما يحدث”، مؤكداً أنّ “السعودية كانت وما زالت تدعم لبنان والشعب اللبناني”.

هذان الموقفان نزلا برداً وسلاماً على الحكومة اللبنانية، التي رأت في الموقفين جرعة أمل باتت نادرة هذه الأيام، إلا أنّ ترجمة الموقفين الفرنسي والسعودي على أرض الواقع ما يزال يحتاج إلى انتظار طويل، لأن موقف كل دولة منهما هو مبدئي وعام، وليس نهائياً وحاسماً، وبالتالي فإنّ التعويل على مواقف هو أشبه بالقبض على سراب.

فقد بات معروفاً أنّ الموقف الفرنسي بمساعدة لبنان مرتبط بجملة شروط وضعتها حكومة الإليزيه، ومعها الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، من أبرزها شكل الحكومة، والخطوات الإصلاحية التي عليها اتخاذها، قبل تقديم أي مساعدات يمكنها الإسهام في إخراج لبنان من أزمته؛ أمّا الموقف السعودي فله أبعاد أخرى، سياسية ومالية، ذلك أن إقدام المملكة على مدّ يد العون للبنان، يعني من جهة إعترافاً رسمياً بحكومة حسان دياب، ومن جهة أخرى تراجعها عن اعتبار فئة لبنانية معينة (الرئيس سعد الحريري وتيار المستقبل) هي وكيلها الحصري في لبنان، ما يؤشّر إلى إنهاء حقبة إمتدت قرابة 3 عقود.

لكن ذلك لا يعني أن الأزمة قد وضعت على سكّة الحل، ذلك أن الحكومة عكفت في الأيام الثلاثة الماضية على إجراء مباحثات مع وفد خبراء صندوق النقد الدولي، الذي يزور لبنان، من أجل إيجاد حلّ للخروج من الأزمة المالية الحادّة، وإيجاد مخرج ملائم لاستحقاق سندات “اليوروبوند” مطلع الشهر المقبل، التي تصل قيمتها إلى 1.2 مليار دولار.

وما أثار القلق من هذه المباحثات، أكثر من التفاؤل، أنّ لقاءات وفد صندوق النقد الدولي مع المسؤولين اللبنانيين، السياسيين والماليين والقانونيين، تحصل بسريّة تامّة، وتعتيم شامل يبقي تفاصيل المشاورات بعيدة عن الأضواء، ما ترك مخاوف من فرض رؤية معينة للحلّ على الحكومة اللبنانية، التي تدخل هذه اللقاءات في غياب رؤية شاملة وكاملة للإنقاذ، وانعدام أي تنسيق بين مكوناته السياسية والمالية، ما سيجعل لبنان أسير خطة إنقاذية لن تأتي على مقاسه ولا مقاس مواطنيه، ولا تناسب مصلحة البلاد العليا ولا أهلها مستقبلاً، بل تلائم فقط فئة معينة هي المصارف والطبقة السياسية التي تعتبر المسبّب الرئيسي في أزمات البلد وإفقاره.


مواضيع ذات صلة:

  1. زيارات دياب الخارجية تربكه: دولٌ تُحرجه ودولٌ تتجاهله… عبد الكافي الصمد

  2. خلاف المستقبل ـ القوات: حكومة دياب المستفيد الأوّل… عبد الكافي الصمد

  3. الباب السّوري مخرجٌ لأزمات لبنان الإقتصادية.. هل تطرقه حكومة دياب؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal