الفقير اللي بيعمل ثورة.. المقهور اللي بيعمل ثورة!… ديانا غسطين

هي ″ثورة 17 تشرين الاول″، ألبست بيروت بهاءها، وأعادت لمدينة العلم والعلماء طرابلس صورتها الجامعة، وبعد ان امعن رجال السياسة في تهميشها وإظهارها بأبشع الصور حتى ان بعضهم شبهها بـ″قندهار″، ها هي عاصمة الشمال تثبت للقاصي والداني انها على قدر التحدي وانها عاصمة الثورة ونجمتها المشعة، جامعة في ساحة عبد الحميد كرامي متظاهرين من مختلف مناطق الشمال، على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم توحدوا في هذه الساحة مطلقين شرارة الثورة بكل رقي وحضارة نحو كل لبنان.

هي ″ثورة تشرين″ التي بدأت عفوية بتظاهرة دعا اليها بعض الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي في ساحة رياض الصلح لأن الوضع المعيشي والاقتصادي لم يعد يحتمل مزيداً من الضرائب. الوقفة الاحتجاجية التي بدأت بعدد صغير من ناشطي المجتمع المدني لم تلبث ان توسعت لتتحول الى اعتصامات عمت مختلف المناطق اللبنانية من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب. ومنذ مساء الخميس الماضي يشهد لبنان اكبر انتفاضة موحدة رايتها العلم اللبناني وكلمة سرّها ″كلنا للوطن للعلى للعلم″.

هي ″ثورة تشرين″ التي كشفت كذب ورياء الطبقة السياسة الحاكمة. حيث اطل رئيس الحكومة بعد يوم من التظاهرات ليتحدث كمن ″يفسر الماء بالماء″ معلناً عن مهلة 72 ساعة لاتخاذ الاصلاحات الضرورية. وبعد انقضاء المهلة، وبسحر ساحر ظهرت الورقة الاصلاحية التي كانت بنودها قد بدأت تتسرب الى الاعلام منذ مساء السبت الماضي، ظهرت يتيمة لا تلبي مطالب اللبنانيين وليست على قدر طموحاتهم. ورقة اصلاحية زادت من اصرار الشعب اللبناني على المضي بنضاله من اجل تحقيق مطالبه.

هي ″ثورة تشرين″ اعادت لساحات النضال رونقها وناسها ولم تكتفِ، بل حولت كل شوارع لبنان وطرقاته الى ساحات نضالية ملأها الناس المحرومون من ادنى حقوقهم في دولة لا تزال منذ 30 سنة تمعن في اذلالهم وحرمانهم من ابسط حقوقهم، وتفضيل مصلحة سياسييها وحكامها على مصلحة اهلها وناسها. هي ثورة كشفت عري الدولة ومن يحكمها في تناسي ان القرار النهائي هو لـ″صوت الشعب″.

يقول الأخوين رحباني في مسرحية ″صيف 840″ ″سامع بـ شي ثورة عملها الشبعان، او شكر بالدولة المقهور الجوعان؟ الفقير اللي بيعمل ثورة، المقهور اللي بيعمل ثورة…″ واليوم، جاءت ″ثورة تشرين″ لتوجه رسالة كل لبناني مظلوم ومقهور ″نريد حقنا في الطبابة والتعليم، في العيش بكرامة، نريد ضمان الشيخوخة، استرداد الاموال المنهوبة منا، تخفيض الضرائب التي اثقلت كاهلنا…″ فهل ستلاقي مطالب اللبنانيين آذاناً صاغية لها ام ان سياسيي الدولة وحكامها سيظلون في غيبوبة سمعية ارادية؟ الجواب تكشفه الايام المقبلة.