السلطة اللبنانية تدفع ثمن إستكبارها… غسان ريفي

يبدو واضحا أن عقارب الساعة لن تعود الى الوراء في لبنان، فالثورة مستمرة، وهي تتخذ منحى تصاعديا في كل المناطق بدون إستثناء، والشعب بكل فئاته ومكوناته يستوطن الساحات والشوارع ويحاصر السلطة السياسية التي بدأت خياراتها تضيق، خصوصا بعدما رفض المتظاهرون الورقة الاصلاحية التي قدمها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وأصروا على رحيل الحكومة وإسقاط النظام وإعادة الأموال المنهوبة.

حتى الآن لا تملك السلطة أية معالجات لغضب الشارع، وهي من المفترض أن تقدم حلولا إضافية لارضاء اللبنانيين الذين إنفجروا بعد سنوات من الاحتقان مارست خلالها السلطة بحقهم شتى أنواع القهر والذل حتى خرجوا عن طورهم الى ثورة لا رجوع عنها حتى تحقيق المطالب وتغيير نهج الحكم القائم منذ عقود على المحاصصة والصفقات والسمسرات والهدر والفساد والعمولات التي ضاعفت من حجم المديونية العامة ووضعت كل اللبنانيين بدون إستثناء تحت عبء مالي لا يمكن تحمل تداعياته وتبعاته.

يمكن القول إن السلطة اللبنانية تدفع اليوم ثمن إستكبارها وعلوّها، حيث لم يأت كل هذا الغضب الشعبي من فراغ، بل كان نتيجة حتمية لممارسات سياسية وإقتصادية وخدماتية فوقية وكيدية لم تراع فقيرا ولا متوسط حال ولا غني، ولم تحترم مسيحيا أو مسلما أو درزيا، فبدل أن تنجح السلطة في تقديم عهد التغيير والاصلاح، دخلت في عداء مع أكثرية الشعب اللبناني الذي بدأ في ثورة 17 تشرين أول بالحساب العسير.

لم يعد خافيا على أحد أن بعض أركان السلطة شعروا بفائض قوة، فظنوا أنفسهم خارج أي محاسبة، وأن البلد عبارة عن مزرعة لصفقاتهم وسمسراتهم وتحقيق ما أمكن من إستفادة من الدولة وعلى حساب الشعب اللبناني الذي لم يعد أحد منهم يحسب له أو لمصالحه حسابا، فازدادت الضرائب والرسوم، وإستهدف الفقير في لقمة عيشه، وغابت الخدمات والتقديمات وأبسط مقومات العيش الكريم.

بات الصراع السياسي خبزا يوميا على تحقيق المكاسب، فحضرت مصطلحات الحرب الأهلية مرات عدة، وإنتهك الأمن والقانون وسلامة المواطنين بعنتريات وسلاح هذا الفريق السياسي أو ذاك فعاش الناس توترات أمنية كانت تضاعف من معاناتهم في بلد بات يفتقر الى كل عوامل النهوض من السياحة الى الصناعة والزراعة والانتاج فغدا النمو يتلاشى الى حدود العدم.

تم إستهداف القضاء، وإضعاف مجلس شورى الدولة، وإلغاء دور مجلس الخدمة المدنية برفض تعيين الناجحين فيه بحجة عدم تأمين التوازن الطائفي، وتم تعطيل ديوان المحاسبة، وتغييب الهيئات الناظمة، وضرب الدستور وإتفاق الطائف، حتى غدت البلاد من دون مؤسسات يمكن العودة إليها لمصلحة تيارات سياسية لم تتوان عن السيطرة على مقدرات الدولة، مستغلة ضعف رئيس الحكومة تحت شعار التسوية الرئاسية.

لم توفر السلطة جيوب اللبنانيين لرفد خزينتها بالمال، فحللت لنفسها ما حرمته عليهم، ولاحقت المتقاعدين على رواتبهم الزهيدة، والأساتذة على درجاتهم، والعسكريين على سنوات حربهم، ورفعت الضربية على كل مستلزمات وضروريات الحياة، وشهرت سيف قانونها الخاص في وجه المعترضين فسعت الى قمع الحريات وإستخفت بقانون المطبوعات، وفتحت السجون للمغردين والكتاب على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب أفكارهم وآرائهم، وصولا الى ملاحقة الفقير على خدمة الواتساب المجانية عالميا والتي كانت الشعرة التي قصمت ظهر البعير.

اليوم تدفع هذه السلطة ثمن كل ما قامت به من إستكبار وفوقية، بعدما خرج الشعب اللبناني من تحت عباءتها، وتخلى عن فرزها الطائفي والمذهبي وإتخذ من العلم اللبناني شعارا وخيارا وسلاحا لاسقاطها وإسقاط رموزها، ليبقى سهلنا والجبل منبتٌ للرجال..


فيديو:

  1. بالفيديو: ثورة طرابلس .. ساحات فرح

  2. بالفيديو: طرابلس عروس الثورة.. كل أهلها في ساحة عبدالحميد كرامي

  3. بالفيديو: مارسيل خليفة يُلهب بصوته ساحة الاعتصام في طرابلس

  4. بالفيديو: ميشال عون يقدم استقالته في ساحة النور


لمشاهدة فيديوهات اخرى اضغط هنا.


لمتابعة اهم واحدث الاخبار في لبنان والعالم اضغط هنا.


مواضيع ذات صلة:

  1. لبنان الى الساحات اليوم.. في مشهد وطني قد يدخل التاريخ… غسان ريفي

  2. الدولة تدرس إمكانية إلغائه.. من يُنقذ معرض رشيد كرامي الدولي؟… غسان ريفي

  3. إنتخابات المجلس الشرعي: المستقبل لم يلتزم بإتفاقه مع العزم.. ويسلب الصفدي مرشحه… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal