إهتراء مالي وإقتصادي يواجه الحكومة.. كيف ستعالجه؟… عبد الكافي الصمد

في كلمته التي ألقاها أمام النواب في ختام جلسات مناقشة البيان الوزاري قبل التصويت على الثقة، أكد رئيس الحكومة سعد الحريري على جملة أمور، أبرزها أن العام 2019 سيكون عام معالجة أزمة الكهرباء المستعصية منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1990، معتبراً أنه إذا لم نفلح في معالجة هذه المشكلة فإن ذلك سيكون فشلاً للحكومة ومجلس النواب والعهد.

وفي ردّ على من طالبه من النواب وغيرهم بأن تفرض الحكومة ضرائب على الأرباح التي تحققها المصارف، وهي ضخمة جداً، رفض الحريري هذا الإقتراح، بل ذهب إلى حدّ اعتبار المصارف بأنها تقوم بمساعدة الدولة اللبنانية من خلال القروض التي تقدّمها لها، متجاهلاً أن القطاع المصرفي ينبغي أن يكون خاضعاً للدولة وليس العكس، وأن فرض الضرائب على الفقراء من أجل سدّ عجز الخزينة العامة، بينما ترفض حكومته فرض أي نوع من الضرائب على الأغنياء والمصارف ليس حكيماً ولا متوازناً، لأنه سيزيد الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وسيؤدي في المستقبل إلى اضطراب إجتماعي خطير.

لكن الخطورة على مستقبل الأوضاع الإقتصادية والمعيشية والإجتماعية ليست هنا فقط، بل إن الكلمات التي ألقاها النواب ومداخلاتهم، ومداخلة وزير المالية، وضعت اليد على مؤشرات في غاية الخطورة، مالياً وإقتصادياً، وأن مستقبل البلاد على هذا الصعيد لا يطمئن أبداً ومن شأنه وصول البلاد إلى حائط مسدود، وضياع كل فرص الإنقاذ.

من هذه المؤشرات أن التهرّب الضريبي يصل إلى نحو 3 مليارات دولار سنوياً، وأغلب حالات التهرّب الضريبي هذه يقوم بها أغنياء بالطبع وليسوا فقراء، لا بل إن هذا التهرّب يأتي على حساب الفقراء قبل غيرهم، وعلى حساب خزينة الدولة، لكن بدلاً من أن تقوم الدولة بما يتوجب عليها من ضبط حالات التهرّب الضريبي هذه، تراها تفكّر برفع معدّل الضريبة على القيمة المضافة من 11 في المئة، كما هي حالياً، إلى 15 في المئة، وهي زيادة ستكون على حساب جيوب الفقراء الخاوية.

وكشفت مداخلات النواب ووزير المالية عن فضائح من العيار الثقيل، منها توظيف نحو 5800 شخص في إدارات الدولة قبل إنتخابات عام 2018 لأهداف إنتخابية بحتة، أغلبهم مناصرون لتيار المستقبل، وخارج نطاق مجلس الخدمة المدنية الذي ما يزال الناجحون في إمتحاناته على قارعة الطريق ينتظرون قرار الحكومة تسليمهم الوظائف العائدة لهم، وهو ما رتب على الخزينة العامة أعباء مالية، في وقت يرمي بعض المسؤولين التهم جزافاً على سلسلة الرتب والرواتب، ويدّعون أنها السبب في عجز الموازنة العامة.

كما كشفت المداخلات عن فضيحة عدم قدرة الدولة على تسوية المخالفات البحرية، إلا على نحو جزئي، وأن ربع مرتكبي المخالفات البحرية، الذين يحظون بغطاء سياسي وأمني ومالي، عملوا على تسوية أوضاعهم، فيما البقية تجاهلوا الأمر، وهو ما أضاع على خزينة الدولة مبالغ مالية كانت كافية برأي كثيرين لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، إضافة إلى فضيحة أخرى كشفتها مداخلات النواب وتحقيقات صحافية عن تأجير الدولة أرض ملعب نادي الغولف الذي تبلغ مساحته نحو 300 ألف متر مربع، بمبلغ ألف ومئة ليرة لبنانية سنوياً، أي أقل من دولار أميركي، ليكون ذلك برسم الحكومة الجديدة التي تسعى الى الاصلاح والانقاذ..


مواضيع ذات صلة:

  1. الشّمال يُعطي الحكومة ثقة مطلقة فهل تردّ له الجميل؟… عبد الكافي الصمد

  2. السلطة السياسية تُضيّع فرصة الإستفادة من مرفأ طرابلس… عبد الكافي الصمد

  3. ماذا يحصل بين السعودية والحريري؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal