ضغوط ربع الساعة الأخير تُحاصر الحريري: الى أين؟… عبد الكافي الصمد

ما هي الخيارات التي باتت متاحة فعلياً أمام الرئيس المكلف سعد الحريري للخروج من مأزق تأليف الحكومة، بعد الضغوط التي يتعرّض لها والمآزق التي وضع نفسه بها، وهل التهديدات التي يُلوّح بها باحتمال إعتذاره عن تأليف الحكومة جدّيّة، أم هي مجرد ورقة ضغط يستخدمها من أجل دفع ″المعرقلين″، من الحلفاء والخصوم، لإزالة العوائق أمام تأليف الحكومة؟

عقب عودته من العاصمة الفرنسية باريس، أول من أمس الاثنين، ردّدت أوساط سياسية مقربة من الرئيس المكلف تسريبات أفادت أنه ″يعطي المشاورات الجارية بضعة أيام قبل إتخاذ قراره الحاسم″، وبالرغم من أنها لم تكشف نوعية هذا ″القرار الحاسم″، لكنها أشارت إلى أن الرئيس المكلف ″يملك خيارات عديدة مفتوحة، هي في يده وحده، ولا يملكها أحد سواه″، مضيفة أن الحريري ″في حال ترقب وينتظر أجوبة الفرقاء الآخرين على ما طُرح من خيارات في العاصمة الفرنسية، وهو يقول إنه قام بما عليه من تنازلات″، موضحة ″أننا في ربع الساعة الأخير في الملف الحكومي، وهذا الأسبوع سيكون حاسماً في ما خص التأليف″، كاشفة أن ″هناك جولة أخيرة من المشاورات ستحصل، لكن إذا لم تُشكّل الحكومة فنحن نتحدث عن مشهد آخر″، من غير أن تفصح الكثير عن ″المشهد الآخر″، لكنه تلويح حمل في طيّاته الكثير من الدلالات.

هذه اللغة السياسية المتشائمة حيال تأليف الحكومة، وغير المسبوقة من قبل الحريري وفريقه السياسي والإعلامي منذ تكليفه تأليف الحكومة قبل 251 يوماً، توحي أن زعيم التيار الأزرق يُحضّر الأجواء ويُهيّىء قاعدته الزرقاء لقرار صعب يُنتظر أن يتخذه في الأيام القليلة المقبلة، بعدما أعطى وعداً قاطعاً أن هذا الأسبوع سيكون حاسماً، وهو ما أكده أمس الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري من طرابلس.

يضاف إلى ذلك المانشيت الرئيسي الذي خرجت به جريدة المستقبل أمس بعنوان عريض، هو: ″الحكومة هذا الأسبوع وإلا ..″، مشيرة، بلغة تحمل تهديداً أو تحذيراً أو الإثنين معاً، إلى أن ″الإحتمالات مفتوحة″، في مؤشر رآه البعض تشاؤمياً، ويدلّ على أن خطوة ما يزمع الحريري القيام بها، بعدما كانت أوساط التيار تردد طيلة الفترة السابقة التي امتدت على مدى أكثر من 8 أشهر، أن الحريري لن يعتذر ولن يتخلى عن مسؤولياته الوطنية، فماذا عدا ممّا بدا حتى يُلوّح الحريري بقلب الطاولة واحتمال خروجه أو إخراج نفسه من السلطة، التي يعرف جيداً أنه قد لا يعود إليها مجدّداً، وأنه لن يُسمّى رئيساً مكلفاً في استشارات التأليف المقبلة؟

ومع أن بصيص الأمل ما يزال قائماً باحتمال ولادة الحكومة أو إيجاد مخرج ما في اللحظات الأخيرة، يُجنّب البلد الدخول في نفق المجهول مجدّداً، فإن الرهان على ذلك يبدو ضعيفاً، لأنه لم يعتد لبنان سابقاً الرقص على حافة الهاوية، ولا يملك مسؤولوه الخبرة الكافية لذلك، كما لا يُنتظر وسط أجواء متشنجة في الداخل والمنطقة حلّ عقد تأليف الحكومة خلال أيام قليلة، بعدما عجزت أغلب الجهود السابقة على مدى أشهر عن ذلك.

يضاف إلى ذلك أن القوى السّياسية المعنية لا تقارب الأزمة الحكومية بعقل بارد، أو من خلال منظور مصلحة البلد العليا، بل تتعامل مع مسألة تأليف الحكومة على أنها مسألة حياة أو موت لها، سواء من خلال المصالح والحصص أو الوجود السياسي، بعدما وضعت لنفسها سقوفاً لا تبدو قادرة على الوصول إليها أو التراجع عن سعيها في ذلك، ما جعل المشهد السياسي اللبناني سوريالياً إلى حد بعيد، زاد منه أن القوى السياسية الإقليمية والدولية ذات التأثير الفاعل جداً في الساحة اللبنانية لا تعطي أهمية لإنهاء أزمة تأليف الحكومة في بلاد الأرز، بسبب تقدم ملفات أخرى في المنطقة، وفق حساباتها، أكثر أهمية من الملف اللبناني.

إلى أين؟ هذا السؤال الشهير الذي لطالما كان رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط يردده عند كل أزمة سياسية ليست واضحة معالم حلّها ونهايتها، ينطبق هذه الأيام على الوضع في لبنان أكثر من أي وقت مضى، وسط مخاوف أن لا حلول في الأفق، وأن الأيام المقبلة ستكون صعبة جدّاً على اللبنانيين.      


مواضيع ذات صلة:

  1. أسبوع حاسم أمام الحريري: التأليف أو الإعتذار… عبد الكافي الصمد

  2. وعود الحريري بتأليف الحكومة: طبخات بحص… عبد الكافي الصمد

  3. أيام صعبة تنتظر الحريري.. هل يُسحب منه التكليف؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal