تفاهما باريس ومعراب في ذمة الله… مرسال الترس

صحيح ان المخاوف في الاوساط السياسية اللبنانية قد تصاعدت منذ فترة في ما يتعلق بمصير كل من تفاهم العاصمة الفرنسية باريس الذي جرى قبل سنتين ونيف بين تيار المستقبل ممثلاً بنادر الحريري المدير السابق لمكتب الرئيس سعد الحريري، والتيار الوطني الحر ممثلاً باحد ابرز قياداته آنذاك الوزير جبران باسيل.. وتفاهم معراب بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية والذي عمل على حياكة خيوطه الوجه الناشط في التيار النائب ابراهيم كنعان ومستشار رئيس القوات الاعلامي ملحم الرياشي الذي كوفئ لاحقاً بتعيينه وزيراً للاعلام.

اللافت أن التفاهمين يجمعهما أكثر من قاسم مشترك: الأول أن كليهما سهّلا انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. فيما أخذ التفاهم الاول في العاصمة الفرنسية على عاتقه إبقاء الرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة طوال فترة عهد الرئيس عون، أما التفاهم الثاني في معراب فقد عمد الى قسمة الحصة المسيحية في الحكم بين طرفيه دون الحاجة الى أي طرف ثالث. ولكن القاسم المشترك الأهم في كل هذه المعمعة هو المؤتمر الحزبي الذي عقده التيار البرتقالي في بيروت بذكرى 13 تشرين، والذي أطلق فيه رئيسه النائب جبران باسيل سلسلة مواقف كانت كافية لاعلان دفن التفاهمين سوية.

بالنسبة للتفاهم الباريسي شدد باسيل على أن مندرجاته لم تعد صالحة بعد سنتين من إبرامه ويجب إعادة النظر بالمضمون، الامر الذي فسره المراقبون على أنه بداية التخلي عن وعد أن يكون سعد الحريري رئيساً للحكومة طوال عهد العماد عون، لا بل أكثر من ذلك جرت المطالبة بوجوب إعادة البحث في الصيغة القائمة في النظام لجهة البحث في الصلاحيات، على خلفية أنه لا يجوز أن تبقى مهلة تأليف الحكومة مفتوحة أمام الرئيس المكلف، الى ما هنالك من صلاحيات تتعلق برئاسة الجمهورية، وهذا ما دفع الرئيس الحريري الى تكثيف اجتماعاته مع رؤساء الحكومات السابقين والتشديد على وجوب عدم المّس بصلاحيات رئيس الحكومة، في حين يتخوف بعض المتابعين من ان يكون مصير الحكومة المقبلة كمصير الحكومة الاولى للحريري والتي سقطت بالضربة القاضية عندما انسحب أكثر من ثلث اعضائها باعلان من الوزير باسيل شخصياً عام 2011 أثناء زيارة الحريري الى البيت الابيض الاميركي..

أما في ما يتعلق بتفاهم معراب فكل الدلائل تشير الى أنه بات في خبر كان، إن لجهة حدة التخاطب القائمة بين مسؤولي ومناصري التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، أو لجهة إبتعاد قياديي الطرفين عن الالتقاء لتخفيف الاحتقان. الى جانب الخوف من ان تتحول الحكومة الجديدة الى ملعب مفتوح لوزراء الطرفين لكي يسجلا على بعضهما الاهداف المباشرة وغير المباشرة، الامر الذي سيشل عملها منذ اللحظة الأولى وبالتالي فان كل ما بُني على ما ستقوم به من انجازات سيذهب ادراج الرياح.

الثابت أن التفاهمين قد باتا في ذمة الله، إن تمكن الرئيس الحريري من تأليف الحكومة وفق الاجواء التفاؤلية السائدة، او إن لم يتمكن جراء التناقضات التي تتحكم بمسار عملية التأليف!.      


Post Author: SafirAlChamal