المستقبل والإنتخابات: المرشحون الأغنياء لهم الأولوية… عبد الكافي الصمد

يستعد تيار المستقبل، بقلق بالغ، لخوض الإنتخابات النيابية المقبلة من غير أن يملك في جعبته ما يكفي من رصيد مالي إعتاد صرفه في الإستحقاقات الإنتخابية الماضية، الأمر الذي يجعله يواجه لأول مرّة جمهوراً إعتاد قسم كبير منه على نيل ″خيرات″ التيار الأزرق، والغرف بنهمٍ من حقائبه التي تأتيهم عشية كل إستحقاق وهي مليئة بالأوراق النقدية الخضراء.

في الإنتخابات النيابية التي جرت عام 2009، كشفت صحف غربية عريقة أن الأموال التي دفعها حينها تيار المستقبل وحلفائه من فريق 14 آذار، فاقت المبالغ التي صرفت في الحملة الإنتخابية للرئيس الأميركي باراك أوباما، والتي قدرت بنحو 600 مليون دولار، وهو رقم هائل بكل المقاييس.

ومع ذلك فإن التيار الأزرق وحلفائه لم ينالوا حينذاك أكثر من 71 نائباً من أصل 128 يتكون منهم المجلس النيابي، برغم وعود أطلقها مسؤولو تيار المستقبل وحلفائه رجّحوا فيها حصولهم على ثلثي أعضاء المجلس، كي يمكنهم التحكم مطلقاً بالسلطة في لبنان، التشريعية والتنفيذية، وهي وعود لم تتحقق.

منذ ذلك الحين، وبسبب فشل تيار المستقبل وفريق 14 آذار في ترجمة وعودهم على أرض الواقع، توقفت حنفية المساعدات المالية الخارجية لهم، وعانى التيار الأزرق كما عانى مناصروه، لاحقاً، من سنوات عجاف لم يخرجوا منها بعد، وفاقم منها إعلان إفلاس شركة ″سعودي أوجيه″ التي يملكها الرئيس سعد الحريري، وإقدامه على بيع أصول وعقارات وغيرها لسداد ديونه وتأمين سيولة مالية بين يديه.

عودة الحريري إلى السلطة أسهمت في تنفيس الأزمة المالية لديه، بشكل جزئي، وأظهر تمسكه بالسلطة بعد أزمة إجباره على الإستقالة من السعودية، العام الماضي، مدى حاجته كي يبقى في منصب رئاسة الحكومة إلى حين إنفراج أزمته.

هذا الواقع الصعب الذي يعيشه تيار المستقبل، جعله مع إقتراب موعد إستحقاق الإنتخابات النيابية بعد نحو أربعة أشهر، يلجأ إلى ″تدبير″ مالي غير مسبوق في تاريخه الإنتخابي، يقضي بفتح الباب حصراً، أمام نواب ومرشحين أثرياء لينضموا إلى لوائحه التي ينوي تشكليها في مختلف الدوائر الإنتخابية، شرط أن يقوموا هم بتحمّل تكاليف الحملات الإنتخابية وتمويلها، وهذا يعني أن النواب الزرق ″الفقراء″، والمرشحين غير الأغنياء، ولو كان ولاؤهم أزرقاً، لن يجدوا لهم مكاناً على لوائح الحريري وتياره في الإستحقاق المقبل.

هذا الواقع المستجد الذي اعتبره كثيرون داخل التيار الأزرق ″تطوراً خطيراً″، يشكل سابقة لم يعرفها التيار والمرشحون من قبل، الذين اعتادوا على تحمّل الحريري والدعم الخارجي نفقات حملاتهم الانتخابية، ما يجعلهم مدينيين له بالولاء، إلا أن إنعكاس الآية سيعني أن الحريري وقيادة التيار الأزرق سيجعلهم هذه المرة مدينيين لنواب ومرشحين جدد سيتحملون نفقات حملات التيار الإنتخابية، وهو أمر سيؤدي في حال حصوله إلى فقدان الحريري السيطرة على نوابه الجدد، أو حتى المونة عليهم.

Post Author: SafirAlChamal