ما علاقة ″شجرة الميلاد″ بالدين المسيحي؟… حسناء سعادة

رغم عدم ارتباط شجرة عيد الميلاد المجيد بنص ديني في الانجيل، إلا أنها غدت من المظاهر الأساسية التي من دونها لا تكتمل فرحة العيد حيث انه عندما نعود إلى قصة ميلاد السيد المسيح لا نجد أي رابط بين حدث الميلاد وشجرة الميلاد.

من أين جاءت هذه العادة ومتى بدأت؟ 

بالرجوع إلى إحدى الموسوعات العلمية تشير الى أن هذه العادة بدأت في القرون الوسطى في ألمانيا، الغنية بغابات الصنوبر الدائمة الخضرة، حيث كانت العادة لدى بعض القبائل الوثنية التي تعبد الإله (ثور) إله الغابات والرعد أن تزين الأشجار ويقدم على إحداها ضحية بشرية الا انه في عام 727 أو 722 ميلادية، أوفد إليهم القديس بونيفاسيوس لكي يبشرهم، وحصل أن شاهدهم وهم يقيمون حفلهم تحت إحدى أشجار البلوط، وقد ربطوا طفلا وهموا بذبحه ضحية لإلههم (ثور) فهاجمهم وخلص الطفل من أيديهم ووقف فيهم خطيبًا مبينا لهم أن الإله الحي هو إله السلام والرفق والمحبة الذي جاء ليخلص لا ليهلك، وقام بقطع تلك الشجرة ثم نقلوها إلى أحد المنازل وزينوها فباتت الشجرة رمزا مسيحيا.

في دراسة للاب ابراهيم جبور اشارة الى ان أصل الشجرة يعود الى البيزنطيين الذين كانوا يرسمون المغارة التي ولد فيها السيد المسيح وبجانبها شجرة كبيرة، ومنذ ذلك الوقت بدأ الناس بنصب شجرة وتحتها المغارة.

ترمز الشجرة، حسب الاب جبور، إلى الناس الذين يأخذون حياتهم من شمس العدل، ويقول ″أما الزينة التي تزين بها الشجرة فترمز الى الفضائل الحميدة التي يتحلى بها الانسان″.

الا ان هناك تحليلات أخرى تقول أن أول شجرةٍ ذكرت في وثيقة محفوظة إلى اليوم، كانت في ستراسبورغ، وكان هذا أول وضع لها بشكل رسمي في القرن السادس عشر في ألمانيا في كاتدرائية ستراسبورغ عام 1539 ميلادية، أما استخدام الشجرة فيعود بحسب بعض المراجع إلى القرن العاشر في انكلترا، وهي مرتبطة بطقوس خاصّة بالخصوبة، وهذا ما حدا بالسلطات الكنسيّة إلى عدم تشجيع استخدامها، ولكن هذا التقليد ما لبث أن انتشر بأشكالٍ مختلفة في أوروبا خصوصا في القرن الخامس عشر في منطقة الألزاس في فرنسا حين إعتبرت الشجرة تذكيراً بـ″شجرة الحياة″ الوارد ذكرها في سفر التكوين، ورمزاً للحياة والنور (ومن هنا عادة وضع الإنارة عليها، وقد تمّ تزيين أولى الأشجار بالتفاح الأحمر والورود وأشرطة من القماش.

 ويقول احد آباء الكنيسة: ″إن تقليد شجرة الميلاد لا يرتبط  بنص من العهد الجديد بل بالأعياد الرومانية وتقاليدها التي قامت المسيحية بإعطائها معانٍ جديدة، فقد استخدم الرومان شجرة شرابة الراعي كجزء من زينة عيد ميلاد الشمس التي لا تقهر ومع تحديد عيد الميلاد يوم 25 كانون الأول أصبحت جزءاً من زينة الميلاد وتمّ اعتبار أوراقها ذات الشوك رمزاً لإكليل المسيح، وثمرها الأحمر رمزاً لدمه المسفوك من أجلنا.″

يضيف الاب: رغم ذلك، إلا أن الكنيسة لا تحبذ ان يتم الابتعاد عن رمز الدين ألا وهو المغارة لتحل بدلها الشجرة فشجرة بلا مغارة لا معنى لها لا بل تعكس فقط البهرجة والمظاهر الدنيوية لا الدينية. 

الجدير ذكره ان الكنيسة الكاثوليكية رفضت شجرة عيد الميلاد لفترة طويلة، واعتبرتها عادة وثنية الا انه في عام 1982 تم وضع أول شجرة عيد ميلاد في ساحة القديس بطرس الواقعة أمام كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان في روما. 

ومنذ القرن التاسع عشر حظيت شجرة عيد الميلاد بشعبية متزايدة وبدأت تأخذ اشكالا عدة وصولا الى اشجار اصطناعية بدل الاشجار الطبيعية وبات بيع الاشجار في زمن الميلاد يرتفع بشكل ملحوظ حتى انه وبحسب الاحصائيات تم في عام 2014 بيع ثلاثين مليون شجرة في ألمانيا وحدها.

Post Author: SafirAlChamal