هل يعترف سعد الحريري بـ ″جميل″ نجيب ميقاتي؟… غسان ريفي

ربما أدرك الرئيس سعد الحريري متأخرا أن لشعار ″النأي بالنفس″ الذي إبتكره الرئيس نجيب ميقاتي وإعتمده في حكومته، خصوصية من شأنها أن تحمي لبنان وتحافظ على إستقراره، وأن تُخرجه من واقع الصراع الاقليمي، أو الصراع بالوكالة الذي يترجمه اليوم ″حزب الله″ نيابة عن إيران، و″تيار المستقبل″ نيابة عن السعودية.

وربما أدرك الحريري أنه لو سار في هذا النهج منذ إنطلاق ″الربيع العربي″ لكان وفر على لبنان الكثير من الويلات، ومن النيران المشتعلة التي قذفت حممها إليه، وخصوصا في طرابلس من خلال 20 جولة عنف عبثية، وتفجير مسجديّ التقوى والسلام.

لذلك لم يتوان الحريري عن تبني مبدأ ″النأي بالنفس″ في حكومته، وفي إعتماده كخارطة طريق للخروج من الأزمة التي عصفت به في السعودية، مخترقا بذلك الملكية الفكرية للرئيس ميقاتي، من دون أن يعترف له بالجميل، أو أن يقدم إعتذارا عن الحرب الشعواء التي خاضها ضد هذا الشعار.

لا ينسى اللبنانيون كيف تعاطى الطرفان المتنازعان في 8 و14 آذار بشكل سلبي مع شعار ″النأي بالنفس″ الذي رفعته حكومة ميقاتي بهدف حماية لبنان وتحييده عن النيران السورية بالدرجة الأولى، وبغض النظر عن تهكم قوى 14 آذار على هذا الشعار، ووصفه بأنه ″لعي بالنفس″ فإن الرئيس سعد الحريري أعلن صراحة وفي أكثر من مقابلة تلفزيونية رفضه مبدأ ″النأي بالنفس″، حيث قال في إحدى المقابلات في العام 2013 مع الزميلين بولا يعقوبيان ونديم قطيش: ″إن شعار النأي بالنفس هو موقف الرئيس نجيب ميقاتي وصحتان على قلبه، أما أنا فلا أنأى بنفسي، وموقفي واضح مع الثورة السورية، وإذا سقط نظام بشار الأسد وجاء نظام سوري جديد فإنه سيحاسبنا على أننا نأينا بأنفسنا وسيتهمنا بالتحالف مع نظام الأسد، لذلك أنا ضد هذا الشعار″.

علما أن الملك السعودي الراحل عبدالله كان بعث برسالة الى الرئيس ميشال سليمان قال فيها: ″إعتمدوا النأي بالنفس حتى تستقيم علاقتكم مع الدول العربية″.

أما قوى 8 آذار فوقفت أيضا ضد ″النأي بالنفس″، إنطلاقا من دعمها للنظام في سوريا، خصوصا بعدما أبدى الرئيس بشار الأسد إمتعاضا من هذا الشعار، وسأل زواره آنذاك: ″كيف ينأى لبنان بنفسه وهو في دائرة النار؟″.

اليوم يعترف سعد الحريري بصوابية موقف نجيب ميقاتي باعتماد مبدأ ″النأي بالنفس″، كما يعترف ضمنا بأنه كان على خطأ عندما دفع بتيار المستقبل في معركة إسقاط ″الحكومة الميقاتية″ وهي معركة كانت تهدف بوضوح الى إسقاط شعار ″النأي بالنفس″ الذي إنتظر ست سنوات أي من العام 2011 الى العام 2017، ليصار الى إنصافه، والى التأكيد بأنه يجسّد شعار ″لبنان أولا″، وبأن من تغنى طيلة السنوات الماضية بـ″لبنان أولا″ كان يسعى عن قصد أو عن غير قصد الى إدخال البلد في صراع المحاور الاقليمية التي تقوده الى حرب أهلية، أو الى عدوان إسرائيلي جديد عليه.

يبدو واضحا، أنه بعد كمّ من التجارب والمغامرات الفاشلة، تسود قناعة لدى جميع الأطراف السياسية في لبنان، وحتى الدول التي تسعى للحفاظ على أمنه وإستقراره، بأن درء مخاطر الصراع الاقليمي عن البلد لا يكون إلا بمبدأ النأي بالنفس، من هنا وجد الرئيس الحريري نفسه مضطرا لتبني كل الأفكار والطروحات والشعارات التي طرحها الرئيس ميقاتي في حكومته، لاستثمارها في تأمين إستمرار حكمه، خصوصا بعد أزمته السعودية التي كادت أن تطيح به. لكن بعد كل ذلك، يبقى السؤال: هل يعترف الرئيس الحريري بـ ″جميل″ الرئيس ميقاتي؟.

Post Author: SafirAlChamal