ساعات من التوتر الأمني عاشه مخيم البداوي على خلفية الإشكال المسلح الذي كان شهده بين رفاق الدرب، القيادة العامة وفتح الانتفاضة، وأدى الى سقوط جريحين والى فرض عطلة قسرية في اليوم التالي للمدارس والى شلل في الحركة داخل المخيم.
ربما كان خبر الإشكال متوقعا حصوله بين لحظة واُخرى، لكن أطرافه تغيرت، وهو ما شكل مفاجأة، فالتأزم الذي تعيشه فتح الانتفاضة داخليا وخارجيا، لا سيما بعد اصطدامها بجدار التمرد من قبل مسؤولها في الشمال خليل ديب ( ابو ياسر) الذي رفض منذ عدة أشهر قرار فصله وتسليم مراكز الحركة في البداوي، ليس سوى مؤشر عما تشهده وفق مراقبين من تخبط في القرارات وغياب آلية لمعالجة حالة التقهقر التي يعيشها هذا التنظيم منذ سيطرة تنظيم فتح الاسلام على مواقعه في مخيم نهر البارد في العام ٢٠٠٧ وصولا الى استبعاد الحركة من حوار القاهرة الذي سيعقد اليوم، وما بينهما من أمور تنظيمية واستقالات وفصل لكل من يعارض ″أمر اليوم″.
تراجع سياسي وميداني وتمرد داخلي، وضعت الحركة وقيادتها في الشام وفق المتابعين امام مفترق خطر قد يؤدي الى مزيد من الانكفاء وصولا الى خسارة الدور الذي لعبته منذ انشقاقها في الثمانينيات عن حركة فتح المركزية بقيادة ابو موسى الذي قاد الحركة الوليدة وفرضها كحركة مؤثرة وفاعلة في القرار الفلسطيني، قبل ان يبدأ العد العكسي لهذه المسيرة وتتولد المشاكل داخل التنظيم الذي بات له في البداوي مسؤول وقيادة عسكرية في مواجهة مسؤول سابق متمرد وقيادة عسكرية تتبع له وتحت سيطرته كل مراكز وعتاد الحركة.
الإشكال المسلح تضاربت الروايات حوله، بين من اعتبره فرديا وتطور ليتحول الى صراع بين تنظيمين، وبين من إعتبره سياسيا يهدف الى إيصال رسائل داخلية وخارجية ردا على استبعاد فتح الانتفاضة من حوار القاهرة، وهو ما يفسر ربما مسارعة عناصر الانتفاضة الى الانتشار في مخيم شاتيلا في مواجهة مراكز القيادة العامة معززين بعناصر ″غريبة″ وبأسلحة خفيفة ومتوسطة وثقيلة ومنها صواريخ “لاو”، وذلك ردا على اشكال البداوي الذي تطلب اتصالات من اعلى المستويات الفلسطينية لوقفه ومنع تمدده او تطوره.
ويمكن القول ان ما كان يخشاه أبناء البداوي هو وقوع إشكال مسلح بين جناح المتمردين داخل فتح الانتفاضة بقيادة ابو ياسر وجناح الفريق المعين من قيادة الشام، لكن الحدث جاء من مكان اخر وهو ما دفع ابناء المخيم الى حبس انفاسهم لكنهم ما لبثوا أن تنفسوا الصعداء كون الفتنة بين ابناء التنظيم لم تصل الى مبتغاها الذي يخشاه الجميع وقد يصعب في معالجتها، نظرا لتشعب المسألة واتخاذها طابع التمرّد الاصعب الذي تواجهه قيادة الحركة التي ربما شربت من كأس تمردها على فتح المركزية قبل عقود، وباتت تواجه حالة تنظيمية متعاطفة مع جناح المتمردين الذي يقوده ابو ياسر ويحظى بعطف شعبي وتفهم من باقي الفصائل.