أزمة فراغ حكومي تطلّ برأسها: لبنان أمام أيّام صعبة… عبد الكافي الصمد

كان معبّراً جداً الموقف المختصر الذي أدلى به رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعد انتهاء أزمة ″إحتجاز″ رئيس الحكومة سعد الحريري في السعودية عندما قال إن ″أزمة الحريري إنتهت، لكن الأزمة السّياسية بدأت″.

يدرك بري بخبرته الواسعة أن أزمة سياسية كبيرة تنتظر لبنان في المرحلة المقبلة، وهي أزمة متشعبة يتداخل فيها الشأنان الداخلي والإقليمي، وأن هذه الأزمة، التي تتعلق باستقالة الحريري، قد تعرف بدايتها، ولكن نهايتها غامضة ومقلقة.

ومع أن أحداً لا يعرف كم ستطول هذه الأزمة غير المسبوقة في تاريخ لبنان الحديث، فإن معالمها بدأت بالظهور بوضوح منذ إعلان الحريري إستقالته من السعودية، إضافة إلى ما تبعها من تداعيات على مختلف الصعد، جعل كثير من المواقف والتحالفات والقراءات للمرحلة المقبلة تنقلب رأساً على عقب.

ولعل أبرز ملامح هذه الأزمة السياسية المفتوحة على كل الإحتمالات يتمثل بالنقاط التالية:

أولاً: إستقالة الحريري التي ينتظر أن يقدمها إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، في موعد لم يحدد بعد، يطرح البعض تساؤلات حولها، فهل هي نهائية أم لا، وهل إستقالته من السعودية سيعود عنها في بيروت، وهل أن الحريري في وارد القبول مجدداً بتأليف الحكومة الجديدة، أم أنه سيرفض؟

ثانياً: حجّة الحريري الرئيسية لتقديم إستقالته، بما يتعلق بلبنان، كانت إعتراضه على نشاط حزب الله العسكري في اليمن، وهو بالتأكيد لن يكون بمقدوره بعد قرار وزراء الخارجية العرب أمس إعتبار حزب الله إرهابياً، تحمّل مشاركة حزب الله في الحكومة المقبلة إذا جرى تكليفه بتأليفها، ولكن هل يستطيع تجاهل وإبعاد مكون سياسي رئيسي في لبنان عن الحكومة، وكيف؟

ثالثاً: إذا لم يتم تكليف الحريري بتأليف الحكومة المقبلة، وبقي مصرّاً على الإستقالة، فمن هي الشخصية التي ستكلف تأليف الحكومة، هل ستكون توافقية أو تصادمية، وهل يمكن لأي شخصية سياسية ستكلف تأليف الحكومة المقبلة عدم إدخال حزب الله فيها، خصوصاً بعد إعلان حلفاء الحزب مسبقاً أنه لن يكون هناك حكومة من دونه؟

رابعاً: تتحدث معلومات عن أيام صعبة مقبلة على لبنان، وترسم سيناريوهات عدة حول هذا الأمر، منها أن رئيس الحكومة المكلف، بعد إعتذار الحريري عن تجديد تكليفه، لن يستطيع تأليف الحكومة المقبلة، وأن مرحلة تصريف الأعمال ستطول، وأن الحكومة المستقيلة سوف تعمر طويلاً، وهي ستشرف على إجراء الإنتخابات النيابية المقبلة، كي تكون أول حكومة تصريف أعمال تشرف على إجراء إستحقاق نيابي، هذا إذا لم تتفاقم الأزمة السياسية لتجعل الإنتخابات النيابية في مهبّ الرّيح.

خامساً: تعقّد الأزمة السياسية داخلياً وخارجياً رفع منسوب القلق لدى كثيرين من أن يؤدي ذلك إلى انفلات الوضع الأمني، إضافة إلى ما يُشاع عن أزمة مالية واقتصادية كبيرة مقبلة على لبنان، نتيجة عقوبات سوف تفرض عليه من دول خليجية وأجنبية، لها علاقة بموقف هذه الدول من حزب الله وبنفوذ إيران عبره في لبنان، ما يدفع للسؤال: ما مدى تأثير هذه العقوبات على لبنان إذا أُقرت، وكيف سيردّ لبنان عليها؟

سادساً: لم يعد خافياً أن كل هذه التطورات متعلقة بصراعات الدول الإقليمية والكبرى في المنطقة، وأن توصلت القوى الرئيسية المعنية في المنطقة إلى توافق ما سيجعل كل هذا التصعيد بلا معنى، إلا إذا اختارت هذه القوى المواجهة العسكرية، فعندها ستكون المنطقة كلها في عين العاصفة، وليس لبنان وحده.

Post Author: SafirAlChamal