هل تصنف ملاحات انفه محميات طبيعية لانتاج الملح؟… فاديا دعبول

ما تزال ملاحات أنفه البحرية شاهدة على تراث البلدة القديم، ولا تزال معالمها محفورة في الصخور وفي قلوب الاجداد ممن كانوا يعتمدون عليها في معيشتهم.

هذه الملاحات اندثرت غالبيتها إن بفعل الاهمال نتيجة المنافسة الخارجية وغياب الدعم عن تجارة الملح، او باستبدالها بمشاريع ومنتجعات سياحية. لذا تتكثف المطالبة باعلان ″جميع ملاحات رأس الناطور محمية طبيعية لانتاج الملح″، حفاظا على هذا الارث الانفاوي.

وكانت وزارة البيئة قد وقعت في العام 1990 اتفاقية رامسار وبناء عليها صنف التنظيم المدني الملاحات مشروع حماية بيئية وجعل عامل الاستثمار اثنين في المئة لحمايتها. الا ان عددا من اصحاب المصالح التجارية تعمدوا هدمها لزيادة عامل الاستثمار عليها.

تعدّ ملاحات رأس الناطور في انفه، الانشط والاهم من بين الملاحات لنظافة مياه البحر، وجودة الملح المستخرج منه. الا ان المنافسة الخارجية، لاسيما من مصر، تحد من هذه التجارة. علما ان كل مئة ليتر من مياه البحر تنتج ثلاثة كيلوغرامات من الملح. حيث ان انتاج الملح كان يكفي الاسواق المحلية ويفيض عنها. ما يدفع بالناشطين البيئيين مجددا الى المطالبة بحماية هذا الشاطئ على كل المستويات البيئية والبحرية والاقتصادية والسياحية والبشرية، اذ ان الملاحات هي جزء اساسي من الاملاك البحرية ولا تشكل تعديا عليها، وهي تراث عائلي ووطني، ومصدر رزق للاهالي.

إشتهرت أنفه بانتاج الملح منذ العصور الحجرية، حيث ان الانسان الاول إكتشف أهمية الملح من الاسماك والاعشاب التي لم يمسها فساد في الحفر الصخرية المغمورة بمياه البحر. حتى انه طوّر هذه الحفر لاستخراج الملح والاحتفاظ بالمأكولات من الفساد. وحينما منع الاتراك استخراج الملح في العام 1914 لاسباب امنية، صمم الاهالي على استمرارية صناعته بنقله على اسطح منازلهم ليلا، وحينما اكتشف الاتراك سرهم وعملوا على تكسير جرارهم لمنعهم، لجأوا حينها الى الحفر الصخرية المطلة على الشاطئ والبعيدة عن الانظار. الى ان منعت سلطة الانتداب الفرنسي انتاج الملح وأمرت بتكسير الاجران ما أدى الى قيام مظاهرة في انفه. في أربعينيات القرن الماضي عاد أهالي أنفه الى إنتاج الملح، وفي العام 1952 جرى تنظيم استثمار الملاحات قانونيا، ما اوجب الحصول على تصريح ودفع رسوم. الا ان وزارة المالية ما لبثت ان اعفت اصحاب الملاحات من دفع الرسوم في العام 1994 تشجعيا للانتاج الوطني، في حين لم تقم مبادرات من الدولة بحماية الانتاج من المنافسة الخارجية. وهذا ما تسبب بأزمة أدت الى إهمال الملاحات، نتيجة إغراق الاسواق اللبنانية بالملح المصري المعفي من الرسوم الجمركية.

تجاه هذا الواقع يدعو الناشطون البيئيون الى مقاطعة الملح الاجنبي المستورد وتشجيع الملح المحلي لانه الافضل، مشددين على استعادة عمل جميع الملاحات على الشاطئ الانفاوي وقد كانت على مساحة خمسة كيلومترات منه، فضلا عن مطالبتهم اعلان الملاحات تراثا وطنيا محميا.

Post Author: SafirAlChamal