أدى فريق المتحد طرابلس قسطه للعلى، فودّع البطولة، وخرج من ″المربع الذهبي″ لبطولة لبنان بكرة السلة، تاركا أثرا إيجابيا، وسمعة طيبة، وبصمة فنية لن تمحى، من المفترض أن تدفعه الى أن يشق طريقه نحو المنافسة الحقيقية على اللقب في البطولة المقبلة، خصوصا أن فريقه القوي المتماسك، الذي دخل القلوب ولفت الأنظار وقدم أجمل عروضه، لن يشهد سوى تبديلات طفيفة، ما سيجعل الانسجام بين اللاعبين قائما، وسيعطي الفريق أفضلية منذ بداية البطولة المقبلة تحت إشراف جهازه الفني بقيادة المدرب آلان أباز.
ما يزال المتحد طرابلس فتيا، بين الأندية السلوية العريقة التي إرتبط إسمها بتاريخ كرة السلة اللبنانية، وهو على مدار 12 عاما في دوري الأضواء دخل 7 مرات الى المربع الذهبي، وحل وصيفا لموسمين متتاليين، وحل وصيف بطل العرب في الدورة العربية في الاسكندرية عام 2010 عندما حقق فوزا تاريخيا على الاتحاد الاسكندري، إضافة الى عروض رائعة في بطولات غرب آسيا التي شارك فيها، إضافة الى دورة دبي الدولية.
هذا الفريق الفتيّ إبن الـ 12 موسما سلويا، سرعان ما بدأ منذ سنواته الأولى بمقارعة الأندية الكبيرة، وتحقيق أفضل النتائج، وبلوغ المربع الذهبي وصولا الى المنافسة الحقيقية على اللقب، وذلك، لأن المتحد ليس فريقا عاديا، بل هو رسالة طرابلسية ـ شمالية الى كل لبنان، مهمتها الدفاع عن الفيحاء التي ظلمتها الدولة، والظروف، وإستخدمتها بعض القوى كصندوق بريد ناري، فكان المتحد في كل مباراة وفي كل هجمة وتمريرة وتسديدة، وفرحة يرسمها على وجه جمهوره، يمنح الطرابلسيين الأمل ويعيد إليهم الثقة بأن الغد المشرق آت لا محالة.
لن ينسى جمهور كرة السلة الآداء الفني الرائع الذي قدمه المتحد في هذا الموسم، فالفريق الطرابلسي كان عبارة عن قوة ضاربة تحمل الرعب بين يديها، وتتميز بالآداء الرجولي والروح القتالية، والتنسيق والتكامل والتعاضد بين اللاعبين الذين لم يبخلوا بنقطة عرق من أجل الدفاع عن قميص المتحد، وعن المدينة التي يمثلها، وعن جمهوره الذي تشهد له المدرجات بأنه كان اللاعب السادس، بأخلاق رفيعه، وتشجيع حضاري، وحضور محبب، فمن يمتلك هذا الجمهور سواء في الملعب أو ذاك الذي يتسمّر على شاشات التلفزة، تليق به البطولات وتليق به الانتصارات والمنافسات على الألقاب.
لم يؤد المتحد قسطه للعلى في نصف نهائي بطولة كرة السلة، لينم، بل لينهض من جديد، ويشق الطريق نحو البطولة المقبلة ويضع نصب عينيه خطة إستراتيجية للمنافسة وتحقيق الحلم في رفع كأس البطولة في طرابلس، متحصنا برئيسه أحمد الصفدي الذي ما يزال على العهد في تقديم كل ما من شأنه من أجل رفع إسم طرابلس عاليا، ومدعوما من مجلس أمناء يزداد عدده كما تزداد عطاءاته، إيمانا منه بصوابيه مسيرة المتحد سفير طرابلس والشمال، الذي أعطى جمهورهما هوية سلوية كانت حتى الأمس القريب موزعة بين الأندية اللبنانية، ومحاطا بجمهور عريض يستحق أن تبذل كل الجهود من أجل إسعاده.
لقد تفوق المتحد على نفسه في هذا الموسم، وعلى إمكاناته المتواضعة، لكنه كان كبيرا جدا، بكل ما قدمه من جهود جاءت لتحاكي عنفوان طرابلس، وشموخ أهلها، وطموحات شبابها، وأحلام أطفالها، وترضي جمهور عريض يعلم علم اليقين أن المتحد يستحق أن يتوّج بطلا على عرش كرة السلة اللبنانية، وعسى أن يكون ذلك قريبا..