رعى رئيس الحكومة سعد الحريري المؤتمر الانمائي الذي نظمته مؤسسة الصفدي في السراي الحكومي بعنوان: ″من طرابلس إلى كلّ لبنان، نهوضاً وإنماءً″ بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني، ووزراء: التربية والتعليم العالي مروان حمادة، العمل محمد كبارة، والشؤون الإجتماعية بيار بو عاصي، سفير الكويت عميد السفراء العرب عبد العال سليمان القناعي، سفير تركيا شغطاي أرجيس، سفير هولندا هان موريتس شابفيلد، منسق انشطة الامم المتحدة والممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي في لبنان فيليب لازاريني، المدير الاقليمي في مكتب الامم المتحدة الانمائي لوكا رندا، رئيس مؤسسة كفالات د. خاطر أبو حبيب، رئيس “مؤسسة الصفدي” محمد الصفدي، وممثلين عن سفارات الولايات المتحدة الأميركية، كندا، الإتحاد الأوروبي، إسبانيا، إيطاليا، المملكة العربية السعودية، دولة الإمارات العربية المتحدة، وعن منظمات دولية وقطاع خاص ومصارف.
بعد عرض فيلم ″زواريب طرابلس القديمة″، وكلمة ترحيبية لمنسقة المشروع آمال الياس سليمان، أشار الرئيس الحريري إلى ان مؤتمر اليوم، ما كان ليحصل لولا عمل دؤوب قامت به ″مؤسسة الصفدي″ لأكثر من سنة من خلال مسح الإحتياجات الأساسية والوضع الإجتماعي والتربوي في منطقة تعتبر من أشدّ المناطق فقراً في طرابلس.
ورأى الحريري أنّ ″أهمية هذا العمل تكمن في إتمامه مع السكان أنفسهم ومع الوزارات المعنية والمدارس في منطقة طرابلس القديمة″ معتبراً انه ″لا يكتفي بتقديم مسح شامل للوضع، إنما يقترح مجموعة مشاريع وبرامج تنموية للتنفيذ، لأنه لم يعد يكفي لا في طرابلس ولا في أي منطقة في لبنان، الإكتفاء بإجراء الدراسات وتعداد المشاكل بل بات من الضروري وضع الحلول والمشاريع والبرامج لمعالجة المشاكل ودعوة الجميع، من مجتمع مدني ودولة وقطاع خاص للمشاركة في تنفيذها″ مؤكداً في هذا الإطار ″العمل لإتمام مشاريع البنى التحتية والطرقات والأوتوسترادات الدائرية غرباً وشرقاً، والاستمرار في العمل لإطلاق مطار رينيه معوض وسكة الحديد شمالاً، والمنطقة الاقتصادية الخاصة، وتطوير المرفأ وتفعيل المعرض وصولاً إلى مجمّع الجامعة اللبنانية″.
وتابع: ″هذا العمل كلّه مبني على نظرة استراتيجية لدور طرابلس المقبل بإعادة الإعمار في سوريا والعراق″، معرباً عن اقتناعه بأن ″طرابلس وكلّ الشمال سيكونون فيها رافعة للإقتصاد اللبناني كلّه وللنمو في كلّ لبنان وخاصة في الشمال وكلّ المناطق المحرومة”، معتبراً ان “الهدف الفعلي هو إيجاد فرص العمل وبشكل خاص للشباب″.
من جهته، وبعد تقديمه لمحة عن تاريخ طرابلس انطلاقاً من ″مرحلة الإزدهار التي عرفتها المدينة إلى حال الدرك الذي وصلت إليه اليوم، نتيجة تراكمات السياسات المُتعاقبة منذ بدايات القرن العشرين، ما أدّى إلى تهميشها″، اعتبر الصفدي أن ″هذا المؤتمر يشكل حجر الأساس على طريق نزع ألقاب لا تليق بالمدينة، وإعطائها حقها لتخلع عنها لقب “المدينة الأكثر فقرا على البحر المتوسط” وفق تصنيفات البنك الدولي، وتهتمّ الدولة بشباب المدينة فتنتفي عنها صفة ″الإرهاب″″.
ورأى الصفدي أنّ ″هذا اللقاء يهدف إلى دعوة الجميع من قطاع رسمي وخاص، ومنظمات دولية، وكلّ المهتمين إلى قطع الطريق على أي مخطط إرهابي يريد التسلّل إلى عقول الشباب، والسعي سوياً إلى محاربة التطرّف بالإنفتاح، من خلال العمل على تدريب الشباب ومساعدتهم في تأمين فرص عمل تفتح أمامهم آفاق المستقبل، وتوفير شروط صحية لكلّ فرد محتاج في طرابلس ليعيش بكرامته، وتحويل منازل بحالة مزرية الى بيوت يتوفر فيها الحدّ الأدنى من المقوّمات الصحية والاجتماعية، بالإضافة إلى محاربة التسرّب المدرسي وعمالة الاطفال″.
وأشار الى ان ″انطلاقاً من هنا، أجرت ″مؤسسة الصفدي″ دراسة تشخيصيّة حول طرابلس القديمة بسكانّها الذين يبلغ عددهم 30 ألف نسمة، وهي الأكثر عوزاً بين جميع مناطق طرابلس والتي كانت في ما مضى قلب طرابلس النابض على الصعد كافة، بهدف إعادة إحياء نبض هذا القلب وبالتالي إعادة الحياة تباعاً الى المناطق السبعةَ المحيطةَ بها″.
وأوضح أنه “أُجريَ حول هذه المنطقة تقييم تشاركي اجتماعي اقتصادي خلُصَ إلى نتائج على صعد الصحّة والتربية والبطالة والبنَى التحتية، وهي التي تشكل اليوم محوَر نقاش المؤتمر لوضع توصيات تساعد في إعادة طرابلس الى الدولة، وتُعيد إلى أهلها السُمعةَ التي تَليقُ بهم، وإلى الشباب الأمل بالمُستقبل”.
بعد الجلسة الافتتاحية، عرضت مديرة قطاع التنمية الاجتماعية في “مؤسسة الصفدي” سمر بولس لنتائج التقييم التشاركي الاجتماعي الاقتصادي للمدينة القديمة في طرابلس الذي أجرته المؤسسة، شارك خلالها الوزراء في مداخلات أكدوا خلالها التعاون مع المؤسسة وجميع الشركاء وبالإمكانيات المتاحة لتنفيذ المشاريع المطروحة في مجالات الصحة والتعليم، التنمية الاقتصادية والتنمية الحضرية.
فمن جهته، أكدّ الوزير حاصباني “إستعداد الوزارة لدعم مراكز رعاية الصحيّة الاوليّة في لبنان وطرابلس” في حين أعرب الوزير كبارة بدوره عن “تعاون الوزارة من خلال المؤسسة الوطنية للإستخدام والمعهد الوطني للتعليم المهني والتقني في تطوير المركز المهني المعجلّ الذي بدأت بإنشائه “مؤسسة الصفدي””.
أما وزير التربية مروان حمادة فاعتبر من ناحيته أنَّ “دعم التعليم في طرابلس هو واجب على الوزارة”، كذلك أوضح وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي انّ “وزارته معنية بكل محاور النقاش وعلى إستعداد للتعاون في كل المجالات والمشاريع البناءة”.
كما أجرى سفير الكويت مداخلة أشار فيها إلى أن “بلاده تؤيد المشاريع التنموية المتعددة التي تؤمن فرص العمل للشبان والشابات في لبنان وطرابلس والتي تحسّن من الانتاج ومواصلة بالتالي عمل الدورة الاقتصادية”.
كذلك أعرب السفير التركي عن “مواصلة بلاده دعم طرابلس في المزيد من المشاريع التنموية تماشيا مع سياسة تركيا المتمثلة في التعاون مع لبنان”.
التوصيات
وفي الختام، تلت مديرة المشروع فيولات الصفدي التوصيات الختامية للمؤتمر وأبرزها:
– متابعة “مؤسسة الصفدي” التواصل مع وزارتي التربية والتعليم العالي والشؤون الاجتماعية في ما يتعلّق بمشروع دعم جودة التعليم، على أن يعقد اجتماع بالتوافق بين الاطراف المعنية لوضع خطة تنفيذية، قبل حلول شهر رمضان المبارك، وتقديم مشاريع حولها الى الجهات المانحة والمنظمات الدولية المهتمة.
– استمرار التواصل والتوافق مع وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية لوضع الأطر التنفيذية لمركز الرعاية الصحية الاولية.
– تحديد الاولويات على مستوى تطوير مهارات الشباب في طرابلس القديمة والمنطقة المحيطة بشكل عام، بالتعاون والتنسيق مع وزارتي العمل والتربية، أقسام التدريب المهني والتقني، خصوصا وأن “مؤسسة الصفدي” باشرت بإنشاء مركز التدريب المهني المعجل، على ان يتم تطويرعمل هذا المركز بالتعاون مع الشركاء المعنيين والمهتمين.
– العمل بالتعاون مع وزارة الصحة ومجلس الانماء والاعمار وبرنامج الموئل UN HABITAT ، ووفقا للمسح الذي أجرته “مؤسسة الصفدي” على تأمين تمويل لتأهيل المنازل وفقا للشروط الصحية والاجتماعية الدنيا، خصوصا وان عيش الفرد في بيئة غير ملائمة تعرضه للمرض أولا وللإنعزال والتفكك الاجتماعي ثانيا.
– التنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية وكل الجمعيات والمنظمات المعنية من أجل تطوير مشاريع وبرامج تعنى بالتنمية الحضرية الاجتماعية وتؤدي بالتالي الى تفعيل دور اللجان المحلية من السكان في الحفاظ على التراث الثقافي للمدينة والتوعية على ثقافة المواطنية.
– الاستمرار مع فريق العمل، بالتواصل مع كل الوزارات والمنظمات الدولية والهيئات المحلية، لتطوير المشاريع المقترحة التي تتلاقي واهداف المؤتمر وتؤدي بالتالي الى النهوض بطرابلس القديمة وكل المناطق المحتاجة بشكل عام.