الشيخ عمران.. قاسم مشترك بين السنة والعلويين… عمر إبراهيم

2

في مواجهات طرابلس الأخيرة، برزت على محاور القتال أسماء مناطق وأحياء، كمحاور رئيسية في مسار المعارك بين التبانة وجبل محسن، خطفت الدور الحقيقي الذي لعبته منذ عقود خلت، حيث كانت نقاط إرتكاز أساسية في الحركة التجارية ونموذجا يكرس صيغة العيش المشترك، نظرا لاحتضانها مواطنين من طوائف مختلفة، تجمع بين البعض منهم من العلويين والسنة، عادات وتقاليد إجتماعية وروحانية حيال مقام ديني، وإن كان الاعتقاد عند العلويين أكثر يقينا بالمكانة الروحية لصاحب المقام الشيخ عمران.

″طلعة الشيخ عمران″ كانت قبل أعوام أحد أبرز وأخطر محاور القتال، وكانت أشبه ببوصلة تحدّد طبيعة الوضع العسكري ميدانياً، الأمر الذي حولها من نقطة إلتقاء وتواصل يجمع بين التبانة وجبل محسن، إلى مصدر قلق وخط نار ملتهب تسبّب في مراحل زمنية متعددة بوقوع خسائر بشرية وأضرار مادية جسيمة غيّرت في الملامح العمرانية والتركيبة الديموغرافية للمنطقة، وتركت جروحا في النفوس لم تندمل بعد.

هذه الصورة السوداوية التي أرتسمت مؤخرا، لا تعكس حقيقة ماضي تلك المنطقة التي كانت تعج بأهلها من كل الطوائف، وكانت مشرفة على شارع سوريا، أو ما كان يعرف بسوق الذهب، حيث كان التجار يتوافدون اليه من كل حدب وصوب.

ويطل شارع سوريا على مشهد مختلف لا ينسجم مع خلفيات الصراع الطائفي، الذي ساد سابقا، ويعكس صورة مغايرة، هو مقام ″الشيخ عمران″ الذي ما زال القسم الأكبر من الاهالي باختلاف انتماءاتهم المذهبية متأثرين بـ″صاحب الكرامات″، الذي يقع ضريحه على بعد أمتار من الشارع وتؤدي طريقه الى عمق جبل محسن.

الشيخ عمران يحتلّ بمكانته الدينية موقعاً متقدماً يتجاوز في بعده الروحي، الخلافات المذهبية إلى ما هو جامع بين بعض الأهالي لجهة المعتقد والشفاعة، من دون التفريق بين سني وعلوي، وعلى الرغم من ان ابناء الطائفة العلوية يجلّونه أكثر من خلال تقديم النذور والدعاء في ضريحه، اكثر من ابناء الطائفة السنية، التي يعتبر بعض علمائها أن التقرب من القبور والمقامات وطلب الشفاعة هو امر فيه ″بدعة″، فيما يحرمه آخرون.

ويشهد مقام ″الشيخ عمران″ إقبالا شبه يومي للمواطنين وتحديدا من أبناء الطائفة العلوية، ومن أعمار مختلفة لقراءة الفاتحة أو الدعاء أو طلب البركة، في حين لا يخلو الأمر من زيارات يقوم بها أشخاص من السنة، وتحديدا كبار السن،  للغاية نفسها.

وقد ادت الحرب الأهلية، ومن ثم جولات العنف قبل أعوام الى هجرة قسم كبير من السكان، ولم تسهم سنوات السلم في إعادة الحياة إلي طبيعتها لتلك المنطقة، برغم عودة العديد من أبنائها، وذلك نظراً لانعدام مقومات الحياة من بنى تحتية وغيرها، وفقدان الشعور بالأمن الاجتماعي بعد إنطلاق الخطة الأمنية، وعدم وفاء الحكومة بوعودها بازالة صفة الحرمان والاهمال المزمين، وفي ظل تقصير فاضح من المسؤولين في السعي الى مصالحة حقيقية بين خصوم الامس، تعيد تلك المناطق الى سابق عهدها، لا ان يبقى الرهان على ″بركات″ المقام.

Post Author: SafirAlChamal