هكذا لبى أبناء طرابلس والمنية والضنية دعوة لائحة العزم… عمر ابراهيم

لو تسنى للرئيس نجيب ميقاتي معرفة ما كان يدور في اذهان الحشد الغفير الذي تحلق حول المسرح خلال القائه كلمته في المهرجان الذي أقيم أمس لـ″لائحة العزم″ لكان طلب من ماكينته وفريق عمله استدعائهم فردا فردا لتلبية رغبة الالاف منهم للاقتراب منه ومصافحته والتقاط الصور معه، وهو شاهد ذلك بوضوح عندما اقتحم العشرات المنصة رغم الإجراءات الأمنية وحاولوا الوصول اليه.

ولو ادرك الرئيس ميقاتي ايضا  ان من بين الحشد مئات العائلات التي لم تشارك يوما في مهرجان انتخابي، وقد اثرت لاعتبارات عدة تكبد مشقة الوصول الى باحة المهرجان، بعدما تقطعت السبل امام السيارات في تجاوز زحمة السير الخانقة التي ضربت المدينة، ما دفع الالاف الى السير على الاقدام مئات الامتار، ومنهم النائب كاظم الخير الذي احب مناصروه ان يخففوا عنه بعضا من ضغط الانتظار في سيارته، فأقاموا حلقات الدبكة وأطلقوا العنان لهتافاتهم على غرار مشاركين اخرين زحفوا سيرا على الأقدام من عمق المدينة رافعين اعلام العزم على وقع الأغاني والأهازيج وقرع الطبول وحلقات الرقص والدبكة.

ربما سيكون امام الرئيس ميقاتي الوقت الكافي للاطلاع على تلك التفاصيل والبناء عليها مستقبلا في مسيرة حالته الشعبية التي قطعت شوطا متقدما في تكوين ظواهر كانت غابت عن طرابلس منذ سنوات، وهي العصب الطرابلسي الذي افتقدته المدينة والاستبسال دفاعا عن من تعتبره يمثلها ويلبي طموحاتها ويحفظ حقوقها ويتابع قضاياها ويساعد ابنائها، حتى ان احدى المسنات علقت بعبارة واحدة: الله يرحم الشهيد رشيد كرامي والدكتور عبد المجيد الرافعي، في ما بدا على انه مقارنة لحالتهما الشعبية في سبعينيات الماضي مع المشهد اليوم.

هذه الحشود التي قد يختلف البعض في تقدير عددها، وقد يتلاعب البعض الآخر بالصور المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، وصولا الى التشكيك حتى بالصور المباشرة، والاتهام بأن المشاركة مدفوعة الأجر، وهذا الكلام وغيره من التوصيفات التي سيتم اسقاطها على المهرجان، يمكن اعتباره امرا طبيعيا وهو من فلكلور السياسة اللبنانية، لكن ما لا يعلمه هؤلاء ان الالاف ممن حضروا هم ممن ساءهم هذه النظرة الدونية الى طرابلس واهلها، واستفزتهم تلك الحملات التحريضية على الرئيس ميقاتي وعلى كل اعضاء اللائحة.

لا يعلم هؤلاء ان من بين تلك الحشود أمهات تركن اولادهن في المنازل لكي يتمكن من الحضور، واخريات تمنين على الازواج السماح لهن بالخروج والمشاركة، وسيدة مسنة اعيت رجال الامن والمنظمين بالحاحها الذي لم يتوقف قرابة النصف ساعة من الوقت وهي تحاول اقناعهم بالسماح لها بالدخول الى المنصة الرئيسية كونها لا تملك بطاقة، مستخدمة كل وسائل الترغيب من دعاء وابتسامات قبل ان يغافل احد المنظمين عنصر الامن المولج بالتدقيق بالبطاقات ويفتح لها الطريق، فدخلت والفرحة لا تتسعها وكانها حصلت على جائزة لكنها لم تسلم من احد الفضوليين الذي اصر معرفة سبب انتظارها، فاخبرته وهي تضحك بانها غافلت زوجها واولادها واتت بسيارة اجرة  للمشاركة، واضطرت للسير مئات الامتار، رغم وضعها الصحي الذي على اساسه كان زوجها واولادها يصرون عليها للبقاء في المنزل.

هي عينه من عينات كثيرة شاركت في هذا اليوم الطرابلسي والمنياوي والضناوي، ومنهم سيدة سخر منها زوجها بعد عودتها الى المنزل، بسبب التعب الذي نالها وهي واقفة تبحث عن كرسي تجلس عليه طوال هذا الوقت، ومثلها كثيرات بعضهن تعبن من حمل الورود التي كنّ يمنين النفس بتقديمها للرئيس ميقاتي، وغيرهن  كن يتخوفن من الضغوطات قبل ان يبدد الرئيس ميقاتي خوفهن وخوف كثر بتردداه عبارة نحنا ما منخاف، وانا باقي معكم هلق وبعدين.

Post Author: SafirAlChamal