أين ثورة 17 تشرين من الأوضاع الكارثية اليوم؟.. عزام .غ. ريفي

لأول مرة في لبنان تنطلق ثورة بهذا الحجم والضخامة، حيث شكل تاريخ 17 تشرين أول عام 2019، محطة مضيئة جمعت مئات آلاف اللبنانيين من مختلف المناطق والطوائف والمذاهب والانتماءات، وذلك احتجاجاً وغضباً بعد أن طفح الكيل من سلطة فاسدة غير مسؤولة، وصلت بها جرأتها الى إبتكار وسيلة جديدة لسرقة المواطنين بفرض ضريبة على الواتساب التطبيق المعروف بمجانيته عالميا.

الجميع رأى في بداية الثورة أنها المنقذ الوحيد للبنان من الانهيار، والأمل الجديد لمستقبل واعد، والوسيلة الفضلى لتنفيس الغضب المتراكم في قلوب شعب يواجه شتى أنواع القهر والذل، والطريقة الأمثل لرد الإعتبار وحفظ الكرامة وتهديد كراسي ومناصب الحكام تحت شعار “الشعب الواعي”.

ينطبق على ثورة 17 تشرين مقولة “ليت كل شيئ يظل كجمال بدايته” حيث نجحت الثورة في بدايتها باسقاط حكومة المحاصصة برئاسة سعد الحريري، الأمر الذي إعتبرته الأكثرية أنه الانجاز الأول في سلسلة إنجازاتها القادمة الهادفة الى القضاء على الطبقة السياسية، لكن للأسف لم يكن سوى الانجاز اليتيم.

لم تغير الثورة من أحوال المواطن اللبناني بل زادته سوءاً، والحقيقة المرة أنها لم تشكل خطر حقيقيا على مسيرة أصحاب السلطة سوى أنها منعتهم من التنقل بحرية، لكنهم تمكنوا من تشكيل حكومة اللون الواحد برئاسة حسان دياب وهي الأسوأ في تاريخ لبنان ويستعدون اليوم لتشكيل حكومة برئاسة الحريري الذي أطاحت الثورة به مع إنطلاقتها.

كل ذلك، يطرح سلسلة من الأسئلة لجهة: أين هي ثورة 17 تشرين اليوم؟ الدولار بثمانية آلاف تقريباً، الوضع الإقتصادي من سيئ الى أسوأ، أكثرية الشعب اللبناني  أصبح عند أو تحت حدود خط الفقر، أسعار المواد العذائية تخطت كل الخطوط الحمر، البطالة في ازدياد مخيف، أموال المودعين ما تزال مصادرة من قبل البنوك، بيروت مدمرة، حقيقة المجزرة التي ارتكبتها الدولة بحق الشعب اللبناني في انفجار المرفأ ما زالت مجهولة، اهدار السلطة لفرصة ذهبية للاصلاح بفعل تمسكها بالمحاصصة ورميها للمبادرة الفرنسية وتعطيلها لمهمة الرئيس مصطفى أديب، والحديث مؤخراً عن رفع الدعم عن السلع الأساسية في لبنان، والثورة لم تحرك ساكناً.

فماذا ينتظر الثوار أكثر من هذه الأوضاع الكارثية حتى يتحركوا ويعودوا الى الشوارع والساحات؟ أم كانت الثورة فقط على حساب أشخاص معينين؟ أم أنها كما قال عنها البعض في بدايتها أنها ثورة الواتساب فقط.

Post Author: SafirAlChamal