هل إنتهت لقاءات بكركي.. وضاعت الوثيقة؟!.. غسان ريفي

عندما دعا البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي قبل نحو عام النواب المسيحيين الى لقاء حواري تحت سقف بكركي، سارع الجميع الى الترحيب بهذه الدعوة، لا سيما التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وشكل كل منهما وفدا للقاء الراعي ليس لتسهيل إنعقاده، وإنما لتطويقه بجملة من الشروط بحجة السعي لإنجاح الحوار المفترض.

الشروط والشروط المضادة، وإتهام القوات النائب جبران باسيل بأنه يريد المشاركة في الحوار لتعويم نفسه مسيحيا، ومن ثم الطلب القواتي من البطريرك أن يتحول اللقاء الحواري الى هيئة ناخبة مسيحية تختار مرشح رئاسي يمكن تسويقه لدى الفريق الأخر، وما أحدثه هذا الطرح من “نقزة” لدى باسيل، كل ذلك أدى الى وأد فكرة الحوار في مهدها، فاستعان الراعي بالصلاة والتأمل بديلا عن الحوار لكن من دون جدوى باستثناء الصورة بالوجوه المبتسمة التي تخفي في صدور ممثلي التيارات المسيحية كما هائلا من الحقد على بعضهم البعض.

يبدو واضحا أن لقاءات بكركي والوثيقة المفترضة التي يستعد المشاركون لاصدارها تمهيدا لتعميمها على كل التيارات والأحزاب السياسية في البلد، تسير على طريق حوار البطريرك الراعي الذي عبثا يحاول جمع المسيحيين على كلمة سواء لا سيما التيارين الأبرزين القوات والتيار اللذان باتا يشكلان أزمة حقيقية له، بدأت توقع عظاته في تناقض واضح لحرصه على إرضاء الطرفين ومراعاتهما لإبقائهما تحت مظلة بكركي.

واللافت، أن الخلاف القائم بين القوات والتيار أكبر بكثير من أن يعالج بلقاء حواري أو بوثيقة يمكن أن تصدر برعاية كهنوتية، خصوصا أنه تجاوز الموقف السياسي الى الشخصي، وصولا الى محاولات الالغاء التي بدأت في العام 1989 بالحديد والنار وما تزال مستمرة الى اليوم على الصعيد السياسي، فضلا عن الطموحات الرئاسية لكلا الفريقين والتي تدفعهما الى مزيد التصعيد في وجه بعضهما البعض.

لذلك، لا يقدّم أي من القوات والتيار مرشحا جديا لرئاسة الجمهورية خوفا من إستهدافه في الساحة المسيحية، ولا يتوافقان على مرشح يمكن تسويقه على الصعيد الوطني، ويرفضان في الوقت نفسه ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي لم يخطئ حين قال أن “القوات والتيار يختلفان على كل شيء ويتفقان ضدي”، كما لم يخطئ رئيس مجلس النواب نبيه بري حين قال أن “الأزمة الرئاسية في لبنان هي مسيحية ـ مسيحية”. أما التأكيدات على أن التقاطع على الوزير السابق جهاد أزعور ما زال قائما من قبل الطرفين، فهو لا يعدو مجرد ذر للرماد في العيون.

وفي الوقت الذي تم تسريب فيه النسخة المعدلة لوثيقة بكركي الى وسائل الاعلام، تنافس كل من سمير جعجع وجبران باسيل على نعي لقاءات الصرح بين التيارات المسيحية، حيث رجح جعجع أن تكون عبارة عن “طبخة بحص”، وقال في مقابلة مع الزميل وليد عبود على تلفزيون لبنان: أنا شبه أكيد من أن رئيس “التيار” جبران باسيل يلعب على التناقضات “حتى يعلّي سعرو لدى حزب الله”، وفي حال قبل “الحزب” بالتفاهم مع باسيل على رئيس ما للجمهورية غير رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية فسيجلس معه، ويبقى الأهم أننا بتنا نعرفه جيداً وندرك تماماً كيفية التعاطي معه.

كما إتهم جعجع باسيل بأنه يستخدم بكركي لتعويم نفسه كمرجعية سياسية متحججاً بشعارات يطرحها عند الحاجة بعنوان: “حقوق المسيحيين”.

أما باسيل فإعتبر خلال لقائه نقابة المحررين أن “الوثيقة التي تحضر في بكركي هامة، ولكنها لن تكون كافية إذا لم تكن مرفقة بخطة عمل أو “خطة مواجهة”.

أمام كل هذا الانقسام المسيحي والمعارك الدائرة سياسيا، تبدو وثيقة بكركي يتيمة تتضمن عبارات إنشائية قائمة على شعارات رنانة غير قابلة للتطبيق.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal