ضحايا وتهجير في منصورية المتن!!.. يمنى شكر غريّب 

ثماني ضحايا من النساء و56 عائلة مهجّرة من مساكنها في قلب المتن الشمالي، ليس بسبب  حروب العدو هذه المرة، انما نتيجة الاهمال والتجاهل وغياب المحاسبة.

 فقبل أكثر من خمسة اشهر، ادت كارثة انهيار المبنى D في سنتر يزبك وحاموش 10 في حي بدران، في بلدة المنصورية المتنية، الى سقوط الضحايا والى تصدعات مقلقة واضرار جسيمة في المبنى المجاور، فيما اخليت مباني السنتر الثلاثة حفاظا على سلامة السكان.

وقد حمّلت هذه الحادثة، التي تشوبها تعقيدات قانونية وادارية ومالية وانسانية، اصحاب المساكن مسؤوليات التدعيم والترميم، وسط تساؤلات عن مآل رفع انقاض المبنى المنهار. وفيما يتخبّط اصحاب المباني المهددة ولا سيما المبنى المجاور C، في مأساتهم، يفتقد هؤلاء الى مساعدة المرجعيات المعنية، درءا لخطر انهيار ما تبقى.

يوم انهار المبنى D في 16 تشرين الاول 2023 ، هبّ الجميع امام .. كاميرات التلفزيون. تهافت نوّاب المنطقة بمختلف مشاربهم، رافعين الصوت المدوّي لادانة الاهمال والدعوة الى المحاسبة. واستنفر مسؤولو البلدية رافعين مسؤوليتهم. وحضر نقيب المهندسين مشرفا وحسب. وحضر رئيس الهيئة العليا للاغاثة فقدّم دعما ماديا محدودا لم يتخطّ في احسن الحالات 30 مليون ليرة يمكن صرفها فقط في السوبرماركت.

اما اليوم، فقد تبخّرت كل الاصوات بعدما اطمأن الجميع انهم قاموا بواجبهم امام… الكاميرا. وعلا صوت قانون معدّل يحمّل المسؤولية للمالكين وحدهم ويعفي المهندس والمتعهد! اما البلديات التي يعوّل بعض الحالمين على استبدال السلطات المركزية بها، فتظهر وكأن لا ناقة لها ولا جمل. وتنطّح من يقول برفع شكوى على اصحاب بلوك D لانهم المسؤولون قانونا عن الكارثة، مع دعوة ضمنية الى تجاهل اوجاعهم وخسائرهم.

وسط هذا الطوف من التبرئة للجميع الا اصحاب الملك المتضررين، تبقى عائلات السنتر مهجّرة، لتحلّ ضيفا ثقيلا هنا وهناك، او لتقع في شباك الايجارات المرتفعة. وفيما يسعى المالكون الى تدعيم البناء المتصدّع C وترميمه بعد سقوط البلوك D عليه، وتدعيم المبنيين الآخرين منعا لأي كارثة جديدة، يصطدمون بالكلفة العالية للعملية خصوصا في بلوك  C حيث قاربت 400 الف دولار، على المالكين تقاسم دفعها في ظل مصادرة اموال المودعين وتوقف القروض، وصمّ آذان المرجعيات والهيئات كافة من رسمية ودينية ونيابية وحزبية.

يعوّل مالكو الابنية المتضررة لاعادة التدعيم والترميم على مساعدة مادية حقيقية لم يساهم فيها احد من الغيارى. ويتطلعون الى  الدولة اللبنانية لمساندتهم من طريق الهيئة العليا للاغاثة بحيث يحفظ حق هؤلاء المواطنين في مساكنهم وسلامتهم. فهل من يستجيب؟

ان هذه الحادثة الناجمة عن الرخص العشوائية للبناء، وغياب المراقبة عن اعماله ووقوع المواطنين ضحايا التجارة الفاسدة تشكل دعوة لاعادة فتح هذا الملف بالمجمل، مع مجلس النواب والتنظيم المدني والمحافظات والبلديات ونقابة المهندسين، استدراكا لمزيد من المآسي المتولّدة من فقدان الكفاءة والاخلاق في قطاع البناء.

 

 


Post Author: SafirAlChamal