عودة الحريري عن الاعتكاف.. الأرضية الزرقاء جاهزة والقرار مؤجل!.. غسان ريفي

لا أحد يعلم ماذا يجول في عقل وفكر الرئيس سعد الحريري، فالرجل الذي وإن حرص على تبديل “اللوك”، إلا أنه لم يفلح في إخفاء مسحة الحزن التي تسيطر على كل تقاسيم وجهه وكل تحركاته، فالحريري الممتلئ حيوية في السابق يبدو وكأنه مكبلا بقرارات غير قادر على مواجهتها أو التصدي لها أو كسرها.

بالأمس، جسّد جمهور تيار المستقبل فعل الوفاء وأكد أن مرور السنوات على جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لا تساهم في تبريدها بل تزيدها حضورا ووهجا كون الرئيس الشهيد عصيّ على الغياب وما زال يسكن في وجدان اللبنانيين على إختلاف توجهاتهم.

غطى الحشد الأزرق محيط ضريح الرئيس الشهيد ورفاقه الشهداء، وتجمع المناصرون بالآلاف على موقف واحد يطالب الرئيس سعد الحريري بالعودة عن قرار الإعتكاف وإستئناف العمل السياسي لا سيما في ظل هذه الظروف البالغة الصعوبة لتحقيق التوازن الوطني ولبث الطمأنينة لدى شريحة من اللبنانيين، لكن الحشد الأزرق لم يحصل من الرئيس الحريري سوى على دقائق معدودة حيث قرأ الفاتحة الى جانب عمته بهية وعمه شفيق أمام الضريح عن روح الرئيس الشهيد وجال بين الحشود مصافحا البعض، وقبل أن يعود الى بيت الوسط قرأ بضع كلمات مكتوبة على ورقة أمام وسائل الاعلام لم تشف غليل أحد كونها إقتصرت على شكر الأوفياء الذين يمثلون النبض وعلى عبارة “كل شي بوقتو حلو”.

وفي بيت الوسط إعتلى الحريري المنبر وسط هتافات بإسمه غطت على أجهزة الصوت، ليتحدث بالعموميات والعواطف، ما أصاب قسم كبير من الجمهور بخيبة أمل بعدما سمع على مدار إسبوعين تحليلات حول الزيارة حمّلتها أكثر مما تحتمل وحمّلت أيضا الرئيس الحريري أكثر من طاقته، وبعدما سمع هذا الجمهور كلاما من الرئيس الزائر أن تيار المستقبل لن يتخلى عن ابنائه وسيبقى الى جانبهم وسيحرص على مساعدتهم، في حين تُخالف الوقائع هذا الكلام حيث غاب تيار المستقبل خلال السنتين الماضيتين بشكل كامل وغابت معه المساعدات والتقديمات وكذلك التحركات التي إقتصرت على أشخاص محددين وفي مناسبات محددة.

إنتهى يوم الوفاء في ١٤ شباط، ومن المفترض أن يعود الرئيس الحريري الى مقر إقامته في أبو ظبي ليل الجمعة السبت المقبل، وسيعود تيار المستقبل الى الالتزام بقرار الاعتكاف بعد إسبوعين من الحيوية السياسية التي توجت بالزيارة الحريرية التي يأمل الجمهور الأزرق أن لا ينتظرها سنة كاملة الى أن يأتي يوم ١٤ شباط من العام المقبل ٢٠٢٥.

تشير الأجواء التي أحاطت بالزيارة الى أن قرار إعتكاف الرئيس سعد الحريري ما يزال ساري المفعول، خصوصا أن الظروف التي دفعته الى إتخاذ هذا القرار لم تتبدل بل على العكس فهي تزداد تعقيدا.

على المستوى الداخلي لا بوادر حلول، وإنتخابات الرئاسة معطلة الى أجل غير مسمى واللجنة الخماسية تتعاطى معها ببرودة واضحة أو غبّ الطلب، وقد كان لافتا طلب الرئيس الحريري من وفد القوات اللبنانية الاسراع في إنتخاب رئيس للجمهورية مهما كان إسمه أو إنتماؤه، وذلك في إشارة إيجابية وجد البعض أنها تصب في مصلحة رئيس تيار المرده سليمان فرنجية.

وضمن هذا الاطار، يتعمق الانقسام بين اللبنانيين أكثر فأكثر وصولا الى المناداة علنا بالتقسيم والانفصال من قبل بعض القوى السياسية التي لم تعد أجنداتها تتناسب مع واقع البلد.

وعلى المستوى الاقليمي – الدولي يبدو أن التسويات مؤجلة والمنطقة على شفير حرب مع عدو مأزوم ومجنون يسعى الى تحقيق إنجاز عسكري أو سياسي في أي مكان مستخدما الحديد والنار.

وعلى المستوى السعودي، لا توجد أية إشارة أو حتى إيحاء حول عودة المياه الى مجاريها مع الرئيس الحريري، حيث ما يزال السفير السعودي في لبنان وليد البخاري الغائب الأبرز عن بيت الوسط، كما أن الاهتمام السعودي المستجد بالاستحقاق الرئاسي لم يعط أي دور للحريري تمهيدا لحضوره في المشهد السياسي في المرحلة المقبلة، وهو أكد أن دوره في هذا الاطار يقتصر على إسداء النصائح.

خلاصة يوم ١٤ شباط هي أن الاعتكاف المستمر لم يبدل من محبة اللبنانيين للرئيس الحريري، وأن جمهور تيار المستقبل الممتد على مساحة الوطن ما يزال حاضرا ولم تضعفه الهجرة القسرية لزعيمه لا بل هو تواق لاستئناف العمل السياسي بقيادته، وقد وجه هذا الجمهور رسالة الى كل من يعنيهم الأمر داخليا وعربيا وخارجيا، أن الزعامة الحريرية ما تزال في أوج حضورها.

كل ذلك، يؤكد أن الأرضية الزرقاء جاهزة دائما لكن العودة مؤجلة الى أن تنضج ظروفها، أو بحسب قول الرئيس الحريري “كل شي بوقتو حلو”..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal