ملاحظات حول زيارة الحريري.. دعم فرنجية ومجاملة آلان عون!.. غسان ريفي

تسعة عشر عاما والرئيس الشهيد رفيق الحريري حاضرا على مدار السنة وليس في 14 شباط ذكرى الاغتيال الأليمة، وإن كان هذا التاريخ يعيد تحريك “النوستالجيا” تجاه العائلة وحامل الأمانة الرئيس سعد الحريري الذي شكلت زيارته للمشاركة في إحياء المناسبة حيوية سياسية إنبثق منها الكثير من التمنيات والتحليلات والنقاشات حول كسره قرار الاعتكاف والبقاء في لبنان أو تأجيل ذلك الى أن تنضج الظروف، خصوصا أن المعطيات التي أملت عليه الاعتكاف لم تتبدل بعد.

لا شك في أن البعض بالغ في تحميل زيارة الحريري أكثر مما تحتمل، خصوصا في السيناريوهات التي رُسمت حول التسويات الدولية والاقليمية التي قد تأتي به منقذا للبنان على غرار ما جاءت بوالده الشهيد في العام 1992، في حين أن الوقائع تدحض ذلك، لا سيما على صعيد تعقيدات المفاوضات الجارية وعدم وضع لبنان على لائحة الأولويات حيث تعمل اللجنة الخماسية على القطعة أو كلما دعت الحاجة للتذكير بضرورة أن يكون للبنان رئيسا للجمهورية، ما يعني أنه حتى لو قرر الحريري هذه العودة فهي لن تكون قريبة وسيكون دونها عقبات ومصاعب كثيرة خصوصا لجهة التعاطي مع الأطراف اللبنانية التي بات لها خلال سنتين من الغياب أجندات بعيدة كل البعد عن تطلعات الحريري الذي يقول كثيرون من المقربين منه أنه لا يحتمل إخفاقا سياسيا جديدا بفعل الأنانيات والمصالح الشخصية لبعض التيارات، لذلك فليبقى الأمل المنتظر، بدل أن يتسرع ويدخل في متاهات جديدة.

لذلك، فإن الزيارة السنوية لإحياء ذكرى الرئيس الشهيد رفيق الحريري هي بمثابة إعادة تواصل مع جمهور تيار المستقبل الممتد على مساحة الوطن والعمل على شد أزره وعصبه، أو إذا صح التعبير هي عبارة عن update من شأنه أن يبقي التيار الأزرق حاضرا وقادرا على التأثير عندما تدعو الحاجة.

ملاحظات كثيرة يمكن تسجيلها على هامش الزيارة الحريرية، من أبرزها:

أولا: غياب أكثر مكونات 14 آذار عن الاحاطة بالحريري بعد الخلافات التي طبعت المرحلة الماضية قبل إعلان إعتكافه.

ثانيا: تأكيد حضور الحريرية السياسية في المشهد اللبناني، والتشديد على أن سعد هو الوريث الوحيد لرفيق الحريري وحامل أمانته، وليس أي شخص آخر سواء من داخل العائلة أو من خارجها.

ثالثا: إهتمام الحريري في هذه الزيارة بجمهور تيار المستقبل أكثر من الاهتمام بالتيار كهيكلية تنظيمية وكوادر وإن حضر هؤلاء جميعهم الى بيت الوسط من أجل إلتقاط الصور التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي.

رابعا: الايحاء بأن الحريري لم يسامح ولم ينس الاساءات والافتراءات والاستهدافات التي لحقت به من رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، خلال الفترة التي سبقت الاعتكاف.

خامسا: إستمرار دعم الحريري لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وقد تُرجم ذلك بزيارة فرنجية على رأس وفد من المرده الى بيت الوسط ومأدبة العشاء التي أقامها الحريري على شرفه، ما يشير الى أن بعض نواب السنة المقربين من الحريري قد يصبوا أصواتهم لمصلحته الى جانب نواب اللقاء الديمقراطي لتضاف هذه الأصوات الى الـ 51 نائبا الذين منحوه أصواتهم في جلسة 14 حزيران، ما يعني أن فرنجية بات لديه أكثر من 65 صوتا ولا يحتاج إلا الى جلسة بنصاب 85 نائبا ليكون رئيسا للبنان.

سادسا: مجاملة الحريري للنائب آلان عون الذي زاره في بيت الوسط، بعد توجيه التحية له من على منبر مجلس النواب بقوله :إشتقنالك يا دولة الرئيس ونفتقد وجودك”، وفي الوقت الذي أكد فيه عون أنه لا يحمل رسالة من باسيل ولا يقوم بوساطة، قرأ البعض في أسباب الزيارة أنها قد تكون لتقديم أوراق إعتماده للترشح الى رئاسة الجمهورية وعرض التعاون مع الحريري بدلا من جبران باسيل.

خامسا: تأكيد التوافق الكامل مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حيث حرص الحريري على أن تكون أول زيارة له صبيحة وصوله الى بيروت للرئيس ميقاتي في السراي الحكومي بما يمثله ذلك من رمزية، ما يؤكد أن آداء رئيس الحكومة يتوافق مع تطلعات الحريري الذي يدعم مواقفه ويقف الى جانبه، وقد ترجم ذلك بما نقله عنه نواب سابقين وحاليين أمس، بأن “لا أحد يستطيع أن يتحمل ما يتحمله الرئيس ميقاتي”.

هي أيام قليلة يمضيها الرئيس الحريري في لبنان، يؤكد خلالها أنه حاضر سياسيا وشعبيا، في البعدين الوطني والسني، مع الاستمرار في الاعتكاف الذي يبدو أنه لم يحن أوان التراجع عنه، خصوصا في ظل المعلومات التي تحدثت عن مغادرته لبنان يوم الجمعة المقبل.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal