صراعٌ مسيحي ـ مسيحي يُهدّد المناصب بالفراغ ولبنان بوجوده!.. عبدالكافي الصمد

تضيق المخارج وتكاد الحلول تنعدم يوماً بعد يوم حول كيفية سدّ الفراغ المرتقب على رأس قيادة الجيش اللبناني مع إقتراب نهاية ولاية قائده العماد جوزف عون في العاشر من شهر كانون الثاني المقبل، وسط مفارقة لافتة تتمثل في أن بعض الطبقة السّياسية وبعض السّلطة يتصرّف وكأنّ الأمر لا يعنيه، والبعض الآخر متمسّك إلى أقصى حدّ بسياسة النكاية والنكد حتى لو انهار الهيكل على رؤوس الجميع.
فقد بات واضحاً أنّ طرفيّ الصراع حول منصب قائد الجيش، التيّار الوطني الحرّ والقوّات اللبنانية تحديداً، يتصرفان ويتعاملان مع أزمة المؤسّسة العسكرية على قاعدة تصفية حساب مع الآخرين، سياسي وشخصي، وليس من منطلق الحفاظ على الجدار الأخير الذي يحمي البلد من الإنهيار الذي يهدّده، خصوصاً بعد الفراغ الذي ضرب رئاسة الجمهورية وحاكمية مصرف لبنان، ومعهما المديرية العامّة للأمن العام، وهو فراغ ينذر بتوسعه وامتداده مثل بقعة الزيت نحو مناصب ومراكز أخرى.
فالكباش بين الجناحين الأقوى على السّاحة المسيحية، التيّار والقوّات، وشدّ الحبال والتجاذب بينهما، والصراع الحاد بينهما الذي يكاد يصل إلى حدود الإنتحار السّياسي، هو الذي أوصل بشكل أو بآخر إلى الفراغ الرئاسي، وكذلك الأمر بالنسبة لمنصب حاكم مصرف لبنان، وهو مرجّح للوصول إلى قيادة الجيش اللبناني بعد شهر وبضعة أيّام، إذ أنّ ما يطرحه أحدهما كمخرج يرفضه الآخر فوراً، ما دفع كثيرين إلى اتهامهما بأنهما أدمنا منذ أكثر من 3 عقود ونيّف على الصراع بينهما، بمختلف أشكاله السياسية والعسكرية والإعلامية، ولو كان هذا الصراع فوق جثّة وطن.
صراع الطرفين الأقوى مسيحياً دفع رئيس المجلس النيابي نبيه برّي إلى التأكيد أنّ “المشكلة مسيحية ـ مسيحية”، برغم أنّه واجه إنتقادات عدّة على ما قاله، قبل أن يتضح الأمر على حقيقته، وبأنّ غياب التوافق المسيحي، أو بعبارة أوضح الصّراع المسيحي ـ المسيحي بات يُهدّد الوطن بأكمله، وليس المواقع المسيحية في السّلطة، المارونية منها على وجه التحديد.
هذا الموقف عاد وأكّد عليه أمس رئيس لجنة الدفاع والداخلية والبلديات النائب جهاد الصمد، الذي أطلق في مؤتمر صحافي من المجلس النيابي صرخة على قاعدة “أشهد أنّني قد بلّغت”، معتبراً بأنّ “الفراغ في الموقع الرئاسي ومن ثم حاكمية مصرف لبنان وصولاً إلى قيادة الجيش، يعني ببساطة إخراج المكوّن الماروني المسيحي من القرار السّياسي الوطني (مذكّراً بسابقة إنسحاب المكوّن الشيعي من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة) ولن يعود لوجود لبنان أيّ معنى”.
ولعلّه من باب المصادفة، ربّما، أن يتزامن ذلك مع ندوة نظمتها رابطة الجامعيين في الشّمال حول كتاب “نهاية لبنان الكبير: مئة سنة من الصدمات ورأس مالية الكوارث” للصحافي الأديب أنطوان فرنسيس، حيث يبدو “لبنان الكبير” بعد مرور 103 سنوات ونيّف على ولادته مُفكّكاً، منهاراً، مشلولاً .. ومنقسماً حول ذاته.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal