المسيحيون والإنتخابات البلدية.. ما يُطلب في السّرّ غير ما يُقال في العلن!… عبدالكافي الصمد

ما إنْ أعلن وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسّام مولوي، أوّل من أمس الإثنين، عن إجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية عبر 4 جولات تبدأ أولاها من الشّمال في 7 أيّار المقبل، حتى سارعت بعض القوى السّياسية المسيحية إلى إبداء ترحيبها بالخطوة، وتأكيدها على أهمية إنجاز إستحقاق هذه الإنتخابات في موعدها، مطالبين بتأمين التمويل اللازم لها، وعدم المماطلة في ذلك.
أبرز المواقف المرحبة بإنجاز الإنتخابات في موعدها، قبل إعلان مولوي وبعده، صدرت عن التيّار الوطني الحرّ والقوّات اللبنانية وحزب الكتائب، بشكل بدت فيه هذه القوى وكأنّها حريصة أكثر من غيرها على إتمام الإستحقاق في موعده، عكس قوى وتيّارات أخرى تريد تأجيل إجراء الإنتخابات وتمديد ولاية المجالس البلدية والإختيارية مرة جديدة، بعدما جرى التمديد لهذه المجالس، العام الفائت، عاماً إضافياً.
لكنّ هذه المواقف المعلنة جاءت عكس ما جرى في جلسة اللجان النيابية المشتركة التي عقدت الأسبوع الماضي، وجرى تطييرها بعد خلافات كبيرة شهدتها، إذ أبدى فيها أبرز القوى السّياسية المسيحية، وتحديداً التيّار والقوّات والكتائب، عدم ممانعتها تمديد ولاية المجالس البلدية والإختيارية “لأسباب تقنية” ما بين 6 أشهر إلى سنة.
وإذا كان معروفاً أنّ هذه القوى يدور بينها صراع شرس حول من هو الأقوى على السّاحة المسيحية، ومن يفترض أن تكون لها اليد العليا في تسمية رئيس الجمهورية في المرحلة المقبلة، ومن يحقّ له المشاركة والتمثيل أكثر من غيره في أيّ حكومة مقبلة في العهد الجديد، كما كان الحال في السّابق، فإنّ هذه القوى تعتبر أيضاً أنّ الإنتخابات البلدية والإختيارية فرصة لها لتصفية حساباتها السّياسية والشّخصية في ما بينها، ولو كان ذلك على حساب ومصالح المسيحيين خصوصاً والبنانيين عموماً.
إذ تدرك القوى السّياسية المسيحية في قرارة نفسها، وخلال نقاشات داخلية مغلقة، أنّه إذا شهدت أيّ إنتخابات بلدية واختيارية تسجيل هذا الطرف المسيحي أو ذاك تقدماً على فريق مسيحي آخر، فإنّ هذه الإنتخابات ستشهد “إنتكاسة” مسيحية من العيار الثقيل في حال لم يتم تعديل قانون الإنتخابات البلدية الحالي، معتبرين أنّه من الضروري إقرار قانون إنتخابات جديد ما يزال محور نقاش ودرس وتجاذب في اللجان النّيابيّة، يلحظ في تعديلاته ـ ما أمكن ـ الحفاظ على “التوازنات” في البلد.
أبرز هذه الإنتكاسات المنتظرة ستحدث في بلدية بيروت. فالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس البلدي للعاصمة، بمعدل 12 عضواً لكل طرف، التي أُقرّت عُرفاً خلال الإنتخابات السّابقة في دورات أعوام 1998 و2004 و2010 و2016 برعاية وضمانة من قبل الرئيس الراحل رفيق الحريري ونجله الرئيس سعد الحريري، لم تعد موجودة، وبالتالي فإنّ الحفاظ على هذه المناصفة أضحى محلّ شكّ كبير، بشكل كشفته إستطلاعات رأي وتقديرات عن أنّ المسيحيين لن يحصلوا، في أفضل أحوالهم، على أكثر من 4 أعضاء في المجلس البلدي المقبل للعاصمة، وأنّ هذه الانتكاسة ستمتد على مساحة لبنان كلّه في البلديات المختلطة طائفياً بين المسلمين والمسيحيين، تحديداً بعد ارتفاع حدّة الخطاب التحريضي في الآونة الأخيرة.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal