“مهرجان المرأة العربية 2023” في دورته الـ 7 برعاية البطريرك الماروني في المعهد الانطوني والكلمات اكدت ان المرأة هي حجر الزاوية في هرم التنمية

نظم “مجلس المرأة العربية” “مهرجان المرأة العربية 2023” في دورته السابعة، بالشراكة الاستراتيجية مع المنظمة العربية للمسؤولين الاجتماعية وبالتعاون مع المعهد الانطوني، لمناسبة اليوم العالمي للمرأة، برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في قاعة المؤتمرات في المعهد الانطوني في بعبدا، في حضور وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى، ممثل البطريرك الراعي المطران انطوان عوكر، ونقيب المحررين حوزف القصيفي وشخصيات  اجتماعية وبلدية وعسكرية ودينية واعضاء “مجلس المرأةالعربية”.
 
عرف الحفل المحامي وليد حدرج ثم كانت كلمة رئيس دير مار انطونيوس والمعهد الانطوني الاب المدبر نادر نادر قال فيها:” منذ بدء العصور إلى ملء الزمان، حيث بشر الملاك جبرائيل أمنا مريم العذراء بالحمل الإلهي، إلى النساء القيمات على الرسالة الإنجيلية، إلى النساء القديسات في كنيستنا الجامعة، إلى اللواتي لمعن في مختلف مجالات الحياة اللاهوتية والاجتماعية والعلمية والثقافية والطبية والتربوية والفنية وغيرها، إلى تلك الأمهات اللواتي هززن الأسرة بيمينهن والعالم بيسارهن، إلى اللواتي وقفن وراء كل رجل عظيم، إلى اللواتي أوحين بالجمال والروعة والإبداع لألمع الفلاسفة والرسامين والشعراء والكتاب وما إلى ذلك، إلى يومنا هذا، هُنا والآن، في حضوركن المميز سيداتي المحترمات المكرمات، نحن نعيش ونرى ونشهد ما لدور تلك المرأة في الحياة، إن لم تكن هي الحياة بذاتها”.
 
وتابع: “وللمرأة في عالمنا العربي مكانة خاصة وكرامة من نوع آخر، لما لهذا العالم من حيثية وخصوصية، تتأرجح بين الطائفية والمذهبية والعنصرية والمناطقية والعادات والتقاليد وغيرها، مما كبل ويكبل حرية تلك المرأة و نواحي حياتها، رغم انفتاح بعض هذه الدول الجزئي والمتجزء أحيانا. ورغم كل ما ذكرنا وما لم نستطع ذكره تحفظًا، استطاعت المرأة العربية التحليق في العالم العربي والعالم أجمع، بل ولمعت في مختلف الميادين، نذكر منهن على سبيل المثال لا الحصر: زها حديد العراقية في مجال الهندسة المعمارية، نعمت شفيق المصرية في مجال الاقتصاد، نجاة بلقاسم المغربية التي أصبحت وزيرة التعليم الفرنسية، خديجة عرب المغربية التي أصبحت رئيسة البرلمان الهولندي، الشيخة لبنى بنت خالد بن سلطان القاسمي الإماراتية التي تعتبر واحدة من أقوى النساء في العالم العربي وأكثرهن تأثيرا في السياسة، المخرجة اللبنانية نادين لبكي التي رُشح فيلمها “كفرناحوم” للفوز بجائزة أوسكار كأفضل فيلم أجنبي، كما ونذكر السيدة رجاء القرف الإماراتية والسيدة رانيا النشار السعودية اللتين صُنفتا في قائمة أقوى نساء العالم في العام 2020″.
 
وختم: “هؤلاء النساء من التاريخ المعاصر، وغيرهن كثيرات من التاريخ القديم والمعاصر، استطعن التميز وأصبحن نساء عربيات مبدعات سطرن اسماءهن على جبين الأعوام المتتالية رغم أنف خصوصية العروبة وتبعاتها”. 

مكرزل
وألقت رئيسة مجلس المرأة العربية لينا مكرزل كلمة قالت فيها: “إن تكريم السيدات هدفه تحفيز المرأة من أجل الانتقال بالمسؤولية المجتمعية من المبادرة الفردية إلى ثقافة مجتمعية”.

وأكدت أن “حقوق المرأة تكون بإنصافها ومساواتها ومشاركتها في كل النواحي العامة “، مؤكدة “أهمية تمكين المرأة ومساعدتها في المشاريع الصغيرة والكبيرة”، وقالت: “هذا ما قام به مجلس المرأة العربية في كل الدول العربية”.

ودعت إلى “تطوير مفهوم المسؤولية الاجتماعية”، مؤكدة “أهمية ترسيخها وتقديم الدعم إلى المرأة والفتاة في المجتمع وعدم التمييز بينها وبين الرجل في القانون”.

ثم تم تقديم عرض مصور تحدث عن مجلس المرأة العربية وتأسيس المعهد الانطوني ومراحل تطوره .

عويس
من جهته، تحدث الرئيس التنفيذي للمركز اللبناني للدراسات الدكتور مكرم عويس فقال: “يشتهر لبنان بالفنانين والعلماء والكتاب والباحثين والرياضيين والعاملين في المجال الإنساني والمحسنين في كل أنحاء العالم. ورغم أننا نفتخر جميعا بهذه الظاهرة، التي تعكس درجة عالية من المبادرة الفردية والعمل من أجل مجتمع وعالم أفضل، إلا أن الكثيرين لا يزالون في حيرة، فلماذا لا يترجم هذا الشعور نفسه بالمبادرة والمسؤولية لثقافة مجتمعية؟”.

أضاف: “نشهد انقسامات طائفية حادة وانقسامات في المجتمع المدني. كما نشهد انعدام الثقة بالآخر، ونتخلف عن تقديم الحقوق الإنسانية لكل مواطن ومواطنة. وكل مرة، نواجه فيها مشكلة، نعود للأسف إلى مجموعاتنا الطائفية أو القبلية أو الأسرة النووية ونفشل في وضع ما يجب أن يكون في المرحلة التالية من التطور والنمو التاريخي لمجتمعنا”.

وأشار إلى أن “هناك مرحلة يمكن للجميع فيها الوصول إلى إمكاناتهم الكاملة، والشعور بالرضا ، والسعادة والاحترام، والشعور بالاندماج ، والشعور بالدعم، بغض النظر عن خلفيتهم أو حالتهم الاجتماعية”، متسائلا: “لما وصلنا الى هذا الوضع؟  لقد عمقت سنوات الحرب الانقسام الوطني وأحيلت قضايا حقوق الإنسان إلى آخر الأولويات”.

أضاف: “لا يزال انعدام المصالحة بعد حرب 1975-1990 يتفاقم ويستخدم كذريعة لتجريد الجماعات والأفراد من حقوقهم. ولا تزال جراح الحرب، بما في ذلك قضية المفقودين والمخفيين قسرا، من دون أن تلتئم وممنوعة من قبل قادة الميليشيات السابقة. نحن نستثمر في شبابنا وشاباتنا، لكننا ننسى أن نجعلهم يشعرون بأنهم جزء من بلد واحد، ولا نعلمهم تاريخهم أو كيفية التعامل مع ماضي البلاد الاليم، ولا ننمي فيهم شعورالمواطنة والتعاون الضروري”.

وتابع: “وفقا  لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، بعنوان الفجوة العالمية بين الجنسين لعام 2022، يحتل لبنان المرتبة 119 من أصل 146 دولة على المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين، والمرتبة 135 من أصل 146 دولة في ما يتعلق بالمشاركة والفرص الاقتصادية، والمرتبة 110 من أصل 146 دولة من حيث التمكين السياسي.”

وختم: “دعونا نتوقف عن إعطاء الأعذار لأولئك الذين يستمرون في التمييز ضد المرأة، ودعونا ننضم إلى النساء في تغيير ثقافتنا وقوانيننا، فنحن مدينون لهن، كرجال، باتخاذ إجراءات يمكن أن تعزز المساواة في الحقوق وتضع نهاية للظلم.”

القصيفي 
بدوره القى نقيب المحررين جوزف القصيفي كلمة قال فيها: “نظلم المرأة عندما نحصر عيدها في يوم. فعيدها ممتد في الزمن، لانها محور الحياة الانسانية. والرحم الخصب الذي يرفد البشرية بأسباب بقائها واستمرارها على كر  الايام. فحق إذن للرجل أن يحتفي بها ومعها بالمناسبة بعيداً من التصنيف الجندري. دورها المتعدد البعد كان وما زال مذهلاً في نتائجه وتردداته. وتقدمها المضطرد في جميع الميادين أسقط الحدود والسدود، وجعلها مليكة متوجة بغار العطاء في سبيل الوطن والانسانية إنطلاقاً من دورها الرئيس في تكوين العائلة ، الخلية الاولى للمجتمع. ان المرأة هي دنيانا، هي الام والحبيبة، يتحدان في ثنائية تختصر الوجود بالحنان المتدفق كالسيل الجاري، والحب الذي يحيي اليباس ، وينفخ فيه روحا من ذات الله . وفي عود الى اصول الكون، عندما خاطب الله الانسان في وصاياه ساوى بين المرأة والرجل. فالاثنان يتكاملان بفعل الخلق، وهنا تكمن استمرارية الانسان في الزمان والمكان”.

اضاف: “لكن المرأة ليست الام والحبيبة فحسب.  إنما هي ايضا التلميذة النجيبة  في المدرسة، والطالبة اللامعة في الجامعة. وهي العاملة الناهضة بمؤسستها مهما كانت درجة مسؤوليتها. هي الكاتبة والباحثة والاستاذة والعالمة والطبيبة والممرضة والصحافية والفنانة وهي الناشطة في السياسة والاحزاب والنقابات والمجالس. ويمكنني ان اواصل العد اكثر لكنني سأكتفي بالقول ان في نقابة المحررين 786 صحافية  أي ما يعادل 46 في المائة من مجموع المسجلّين على جدولها. وفي مجلسها ثلاث صحافيات منتخبات يتميزن بحس المسؤولية والنشاط والالتزام الحقيقي بقضايا النقابة والوطن”.

وتابع: “من الواضح ان المرأة صاحبة دور رئيس في نماء المجتمع وتطوره عبر التاريخ، والامثلة كثيرة لا تحصى في هذه العجالة. فهي شريكة في دورة الانتاج، وتشغل المناصب العليا والمفصلية في العديد من القطاعات، ولها الحضور المؤثر في التربية والتعليم، وخاضت ميادين البحث العلمي مسجلة الإنجاز تلو الانجاز، واقتحمت دنيا الاعمال وحققت نجاحا لا يدانى خلال ادائها المميز، وابتكاراتها ذات الفرادة . وإن المرأة العربية تقدم الدليل تلو الدليل على دورها المتنامي في تطوير مجتمعاتها الوطنية والمحلية، وتسجل حضورا بارزا ، في كل البلدان : من ترتع منها في سلام ورغد وبحبوحة، ومن ترزح تحت ثقل الحروب وترسف في قيود المشكلات المتناسلة على حد سواء. ولا بدّ لنا وقد اصابنا ما اصابنا من ازمات مستفحلة وما هبّ علينا من رياح عاتية اصابتنا ان نتطلع الى الدور الانقاذي الفاعل الذي تقوم به المرأة في الازمات الحادة . وقد شاهدناها بأم العين خلال المراحل الصعبة سابقا، وراهناً”.

 واردف: ” الا اننا، ومع هذا التقدم الهائل الذي حققته المرأة العربية عموما، واللبنانية خصوصا، نرى طريقا شائكة يقتضي أن نقطعها بصبر وأناة، وكثير من المشقة، لتحرير القوانين من المواد السالبة لحقوقها في عدد من الابواب، خصوصا في ما يتصل بالاحوال الشخصية، وهي تكرس التفرقة الجندرية، وتحد من المساواة بين الجنسين. علما ان المرأة باتت نصف المجتمع الانساني ويزيد عدا، وأن حتمية الشراكة المتكافئة بين مكوني هذا المجتمع، تملي شروط العدالة المتكاملة، للنهوض بالاوطان، والسير بها قدما نحو الحداثة ، حداثة المضمون والمحتوى، قبل حداثة الشكل”.

وقال : “إن الاخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام عن الانجازات الهائلة التي تسجلها المرأة العربية سواء في مشرق العرب ومغربهم، وخليجهم، أو في بلدان الانتشار التي هجروا إليها لسبب او  لآخر، تبعث على الفخر والاعتزاز، وتشعرنا أن نضال الماهدات العربيات، وفي طليعتهن لبنانيات رائدات في جميع الميادين، لم يذهب هباء، بل كن كحبة القمح التي عانقت تراب الارض، وعادت إلى دائرة النور سنبلة مكتنزة، واعدة. إن المرأة على العموم، والمرأة العربية على وجه الخصوص، هي حجر الزاوية في هرم التنمية الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والثقافية، ومن دونه يتهاوى الهرم ، وتتداعى اعمدته. وإن الهيئات الاممية، والمنظمات الدولية إعتبرت أن المعيار الأول لتصنيف الدول بين متقدمة، نامية ، وفي طور النمو، هو مدى المكانة التي تحتلها المرأة في هذه الدول، وأهمية الأدوار التي تضطلع بها في مجتمعاتها، ونوعية حياتها، ومستوى تعليمها. ان التنمية من دون أن يكون للمرأة يد فيها، هي تنمية منقوصة، ولا تعمر طويلا، وخصوصا في بلداننا العربية، لأن التجربة دلت إلى روح المبادرة، والجدية، والحماسة، والالتزام التي تتصف بها المرأة، جعلت منها عصب المجتمع المدني، والزمبرك المحرك له.

وختم: “السلام على المرأة في يوم عيدها العالمي، الواقع على مرمى رشة عطر من عيد الام، وتهويمة فراشة من بواكير الربيع. والشكر لمن دعا إلى هذا الاحتفال ورعى. على أن نلتقي من جديد ، على رجاء قيامة لبنان، قويا معافى من بين ركام الاحقاد، وبراثن سارقي ماله، وناهبي ثرواته، والعابثين بأمنه، في ظل انتظام دستوري يظلل مؤسساته كافة بدءا من رئاسة الجمهورية . فليس عند الله أمر عسير”.

ممثل الراعي
 وفي الختام كانت كلمة البطريرك الراعي ألقاها ممثله المطران عوكر وقال فيها:” ان البطريرك الراعي يفرح ويبارك اي اجتماع هدفه تنمية المجتمع سياسيا اقتصاديا اجتماعيا . والبطريرك أعطى بركته لهذا الاجتماع النسوي . وتمنى أن نصل قريبا إلى المساواة في كافة القطاعات ليصبح يوم المرأة العالمي هو يوم للاحتفال بالجمال والامومة والحب والتفاني واللطف والتنمية الاجتماعية في قلب المجتمع”.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal