وطنٌ أم صالة قمار؟… عبد الكافي الصمد

على شاكلة ما يحصل في صالات القمار، وليس بناءً على سياسات دول وحكومات تضع لأنفسها خطط إستراتيجية على المدى البعيد إثر الإستعانة بخبراء في مجالات الإقتصاد أو المال أو الإثنين معاً، ضرب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مساء يوم الأربعاء الماضي ضربته من غير أن يرفّ له جفن، أو يضع في حسبانه إمكانية محاسبته على السياسة العامّة التي يتّبعها في المصرف المركزي، أو يلتفت إلى مصالح عامّة النّاس وأوضاعهم المعيشية الصعبة، التي يتحمل، مع أكثر من سواه من المسؤولين، مسؤولية ما آلت إليه أوضاعهم من التردّي والفقر، وتراجع مستوى معيشتهم إلى ما دون الصفر.
ففي غضون وقت زمني قصير يُقاس بالدقائق وليس بالسّاعات تراجع سعر صرف الدولار الأميركي أمام الليرة اللبنانية من حدود 92 ألفاً إلى 80 ألفاً، ما أحدث خضّة كبيرة في جميع الأسواق، المالية والتجارية، بعد وقت قصير من إصدار الحاكم بيانه الذي ظهر فيه وكأنّ لا سلطة عليه، وأنّه لوحده سلطة فوق كلّ السّلطات.
تراجع سعر صرف الدولار بهذا الشّكل الدراماتيكي، وهو أمر يتمناه جميع المواطنين لما له من إنعكاس إيجابي على حياتهم ويحسّن من قيمة رواتبهم المتآكلة، أمر لم يترجم في الأسواق لجهة تراجع أسعار السّلع الأساسية التي بقيت على حالها، لا بل إنّ بعضها شهد إرتفاعاً غير معروف الأسباب، الأمر الذي بدا مستغرباً ولم يجد المواطنون له أيّ تفسير.
إلّا أنّ الأغرب في الأمر كان قرار الحاكم رفع سعر منصّة صيرفة للدولار الأميركي من 45 ألفاً إلى 70 ألفاً دفعة واحدة، بينما كان العكس هو الذي كان يجب أن يحصل، بعد تراجع سعر صرف الدولار في السّوق السّوداء 12 ألفاً دفعة واحدة، وخلال ساعات، فإذا بقرار رفع سعر منصّة صيرفة يقضي على أيّ أمل بتراجع سعر صرف الدولار مستقبلاً، ويضع البلاد تحت ضغط كبير في المرحلة المقبلة، وتعريضه لمزيد من الإنهيار المالي والإقتصادي.
القرارات المالية الصّادمة لم تتوقف عند هذا الحدّ، فبعدما تمّ التوافق قبل فترة على رفع سعر الدولار الجمركي من 1500 ليرة إلى 15 ألف ليرة، فوجىء اللبنانيون أيضاً بقرار السّلطات الرسمية رفع الدولار الجمركي، بلا سابق إنذار إلى 45 ألف ليرة، في بلد يستورد أكثر من 80 في المئة من حاجاته، ما ينذر بمضاعفات خطيرة على الطبقات الفقيرة والدنيا التي تشكل السّواد الأعظم من اللبنانيين.
ما سبق تُرجم على الفور إرتفاعاً في أسعار السّلع عدّة أضعاف، بلا رقيب أو حسيب، وبدء محال السوبرماركت تسعير سلعها بالدولار، في ظلّ واقع إقتصادي ومعيشي يترنح كلّ يوم يميناً ويساراً، ومعه يترنّح اللبنانيون وسط بحر من الأزمات التي يغرقون فيها يوماً بعد آخر بلا أيّ بصيص أمل، ولو بسيط لقيامة بلدهم.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal