لبنان الى اين سياسياً واقتصادياً على مشارف ال ٢٠٢٣ !؟ الجزء الخامس: نائب رئيس الحكومة ووزير الصحة السابق النائب غسان حاصباني: لبننة الإستحقاق مُمكنة اذا توقّف إستجرار التدخّلات الخارجية، والسلطة غير جادّة في الإصلاحات وفي معالجة الملف الإقتصادي، ولا حاجة لمؤتمر تأسيسي جديد والعام ٢٠٢٣ قد يكون عام المراوحة؟!

حمود: 

في هذا الجزء الخامس من هذا الملف الذي حاولنا فيه اسشراف آراء ومواقف ورؤى شخصيات سياسية، اقتصادية حقوقية، اعلامية، اكاديمية، فكرية وثقافية مرموقة نقف عند موقف دولة الرئيس ووزير الصحة السابق والنائب الحالي عن كتلة القوات اللبنانية الأستاذ غسان حاصباني. وكما ذكرنا سابقاً فإن الجميع في لبنان مُجمع على اهمية الحوار الداخلي اللبناني اللبناني بين مختلف القوى السياسية والحزبية التي لديها كتل نيابية وازنة ومُؤثّرة في البرلمان الحالي، اولاً فيما بينها كقوى ذات تأثير على مسار انتخابات رئاسة الجمهورية موضوع وعنوان ازمتنا السياسية الأساسي حالياً، وعلى التشريعات المُتعلّقة بالأمور السياسية والإقتصادية والإجتماعية والمعيشية وغيرها، وفي سنّ القوانين المطلوبة لمواكبة هذه المرحلة الحسّاسة من تاريخ لبنان، والتي يجب ان تكون مرحلة الإنقاذ والخلاص الحقيقي على كل المستويات، لأن الوضع لم يعد يحتمل مُماطلة ومُكابرة وإنكار بسبب خطورة ما وصلنا اليه والحاجة المُلحّة لطرح خطط وبرامج إصلاحية جذرية. كذلك يجب على هذه القوى الحوار ايضاً مع غيرها من قوى المجتمع المدني ونقابات المهن الحرّة والهيئات الإقتصادية “غير الجشعة” والنخب الناشطة، الجادّة والخبيرة في محاولة للإستفادة من كل الخبرات والطاقات التي تسعى جاهدة-وكل جهة على طريقتها-لطرح حلول للأزمات الوطنية الخانقة التي لم يعرف لها لبنان مثيل في تاريخه منذ تأسيس هذا الكيان. ويأتي اذاً هذا الحوار الإستشرافي للأفاق السياسية والإقتصادية في لبنان على مشارف العام ٢٠٢٣ مع الوزير السابق والنائب الحالي الأستاذ غسان حاصباني في سياقه الطبيعي والمنطقي إذاً، اذ انه “رجل دولة” من الطراز الأول وقد اتّصفت تجربته السياسية التي عايشناها بالكفاءة والإعتدال والمواقف الوسطية الجامعة، خاصةً وانه تربطني به شخصياً وعلى مستوى ملتقى حوار وعطاء بلا حدود، صداقة قديمة وتعاون وتشاور متواصل لم ينقطع في اصعب الظروف واحترام مُتبادل وسعي مُشترك للسعي لتدعيم كل القواسم الوطنية المُشتركة والعمل على الإنقاذ.

ولمن لا يعرفون سيرته الذاتية، فقد أنهى حاصباني دراسته الجامعية في المملكة المتحدة وحصل فيها على بكالوريوس في الهندسة الإلكترونية مع مرتبة الشرف من جامعة وستمنستر في العام ١٩٩٤ وماجستير في إدارة الأعمال، إدارة التسويق العام من جامعة هل في العام ١٩٩٨.

وهو المؤسس والرئيس التنفيذي وخبير الاقتصاد الرقمي في ”شركة غرايكوتس“، الجمهورية اللبنانية.

وهو عضو في ”مجلس النواب اللبناني“ عن دائرة بيروت الأولى منذ 17 أيار 2022، وخبير استراتيجي في شؤون الاقتصاد والتكنولوجيا، وعضو سابق في مجلس الأجندة العالمية للتنافسية في 

”المنتدى الاقتصادي العالمي“، كما أنه عضو ”معهد الهندسة والتكنولوجيا البريطاني“، وزميل شبكة القيادة العالمية في ”معهد أسبن“، وعضو في مجالس الإدارة غير التنفيذية لعدة شركات.

وقد شغل منصب وزير الصحة ونائب رئيس ”مجلس الوزراء اللبناني“ بين عامي 2016 والعام 2019 وشغل مناصب قيادية في عدة شركات خاصة رائدة في اوروبا والشرق الأوسط والشرق الأدنى. وقد شارك معنا منذ ثلاثة سنوات في عدّة ندوات نظّمناها في ملتقى حوار وعطاء بلا حدود وفي جمعية ودائعنا حول الازمات إقتصادية المدمّرة التي يتخبّط فيها لبنان منذ بداية الأزمة، والتي تدور مواضيعها بشكلٍ اساسي حول كيفية حماية حقوق المودعين ومنع إستكمال سرقة اموالهم، استرجاع الأموال المنهوبة والمهرّبة والمحوّلة، مشاريع قوانين “الكابيتال كونترول”، التعديلات الأخيرة على قانون السرية المصرفية وكيفية إعادة إستنهاض الإقتصاد اللبناني وإمكانيات التوجّه الإقتصادي شرقاً.

وقد اتت اجوبته على الشكل التالي والذي يمكن ايجازها بأنه من المُمكن لبننة الإستحقاق الرئاسي اذا توقّف إستجرار التدخّلات الخارجية من هنا وهناك، وان السلطة الحالية غير جادّة في الإصلاحات خاصةً الإقتصادية منها، وانه لا حاجة لعقد مؤتمر تأسيسي جديد بل ان تطبيق إتفاق الطائف يفي بالمطلوب في الوقت الحاضر، وان العام ٢٠٢٣ قد يكون عام المراوحة وتطويل امد الأزمات على كل الصعد وخاصةً على الصعيد الإقتصادي؟!

حاصباني:

اعتبر حاصباني ان الإستحقاق الرئاسي سيراوح مكانه لفترة أقلّها الجزء الاول من العام ٢٠٢٣، وليس هناك من مخرج الا بإقتناع المُرشّحين المُحتملين ان لا حظوظ لهم، والإفساح بالمجال لآخرين بالترشّح، ولا يجوز ابداً إنتظار مجيء قرار من الخارج؛ فالإستحقاق يجب ان يكون وطنياً لبنانياً، وهذا يحصل بإقتناع القيادات بذلك والكفّ عن “إستجلاب او استجرار التدخلات الخارجية”( كما جرت العادة).

وعلى الرغم من عدم إستقطاب اكثرية الأصوات لمصلحة المرشّح ميشال معوّض، الا أنّ حجم الورقة البيضاء في جلسات الإنتخاب التي حصلت يتقلّص شيئاً فشيئاً.

وأتبع حاصباني ان انتخاب رئيس وحده ليس الحلّ وان كانت طبيعته ومقاربته للإدارة هي مدخلاً الى الحلّ وبالإمكان ان تصنع فارقاً كبيراً، والعكس هو عقبة رئيسية للبدء بمرحلة التعافي السياسي والإقتصادي والمالي.

واكدّ على ضرورة إجراء الإنتخابات الرئاسية بسرعة وفقاً لما اشار اليه سابقاً ومُفضّلاً ذلك على الفراغ.

واكمل انه بالنسبة الى العلاقة بين حزب الله والوزير باسيل، بأن الأخير يرفع السقف ويُظهّر الأمر بأن هدف العلاقة معه محصور بالوصول للسلطة فقط. وقد اصبحت العلاقة تفاضلية وتنافسية بينه وبين مرشحين آخرين لحزب الله، مُستنجداً بالخطاب الطائفي للإستحصال على المزيد من العطف. واستبعد حاصباني ان يكون هناك اتفاقات جانبية او جوهرية مع اي فريق سياسي آخر.

وكان لحاصباني رأي حول الاصلاحات واوضح بأن القوى السياسية لم تتّخذ بعد اي خطوة ولا حتى في معالجة ابسط الامور، إبّان السنوات الثلاث الماضية، وذلك في كل نواحي الاصلاح ولا حتى في تطبيق شروط صندوق النقد، ورمي الكرة بملعب المجلس النيابي لتشريع قوانين اصلاحية، بدءًا من قانون السرية المصرفية والكابيتال كونترول وانتهاءًا بإعادة هيكلة المصارف والتي لم يُحال اي منها ليتمّ اقرارها؛ وهناك بطئ شديد جداً في اداء الحكومات لاسيّما الاخيرة منها. واكّد حاصباني على ضرورة التدقيق في هذه الخطط ومشاريع القوانين واقرارها دون تسرّع.

أخيراً، افاد حاصباني بأنه لا يوجد حاجة لمؤتمر تأسيسي لأن التجرية أثبتت أن العبرة لناحية الدستور هي بالتطبيق؛وليس بالدستور ذاته، لكي يُحقّق مفاعيله ويغيّر مسار الازمة الحالية، والاولوية بالوقت الحالي هي للتعافي الإقتصادي والتفاف الجميع و بذل الجهود في اتجاه اهمية وضرورة تطبيق هذا الامر.

وختم، ان السنة الآتية لن تكون سنة التعديلات الدستورية، والمطلوب تطبيق الدستور والتركيز على التعافي؛ حتى لا يحصل تدهور أكبر!. وستتسمّ هذه السنة بمراوحة وتعميق للازمة السياسية، وتعطيل حكومي وتشريعي؛ حتى وإن حصلت الانتخابات الرئاسية، وعليه، من الصعوبة، قبل منتصف العام القادم، ان يُنجز اي إصلاح حقيقي.

 أما فيما يتعلّق بالترسيم وقطاع النفط والغاز فليس الترسيم هو الحاجز؛ بدليل توقّف التنقيب في البلوكات الاثنين وغيرها، اما عائداته فهي ستظهر على المدى الطويل وقد تصل لسنوات. واعتبر ان تطبيق الموازنة بفواتير اعلى (لن يتمّ تحصيلها بالكامل) لن تغطي الفجوة بعجز الخزينة وخضوصاً على مستوى النفقات التي تلزم القطاع العام بمفرده، وستبقى الحلول مُجمّدة على مستوى المودعين، ولن يكون هناك مُحاسبة جدية، والفراغ الطويل سيولد فراغات اكبر ويُحجّم اكثر فاكثر دور القطاع العام، ولكن، علينا ان نستمرّ بالمحاولة للتقدّم بالتعافي حتى لا يضيع العام الجديد كما ضاع العام السابق.

د طلال حمود- مُنسّق ملتقى حوار وعطاء بلا حدود ورئيس جمعية ودائعنا حقّنا.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal