لبنان الى اين سياسياً وإقتصادياً على مشارف العام ٢٠٢٣ !؟ الجزء الرابع الوزير السابق نقولا تويني: هناك ازمة نظام دائمة في لبنان، تتمظهر من خلال الديمقراطية التوافقية والمحاصصة، المجتمع الدولي مشغول بمشاكله ولا نيّة بإجراء اصلاحات جذرية عند هذه الطبقة الحاكمة؟!

حمود:

بعد ان نشرنا الأجزاء الثلاثة الأولى من هذا الملف الذي نحاول فيه في ملتقى حوار وعطاء بلا حدود وجمعية ودائعنا حقّنا إستشراف الأفاق السياسية والإقتصادية في لبنان، على مشارف العام ٢٠٢٣، نقف اليوم عند مطالعة الوزير السابق لشؤون مكافحة الفساد الأستاذ نقولا تويني جواباً على الأسئلة التي طرحناها عليه وعلى جميع النخب السياسية والإقتصادية والحقوقية والإعلامية والفكرية والثقافية التي تواصلنا معها. وكما شرحنا سابقاً فإن مبادرتنا اتت من منطلق وطني وبدافع المرتكزات الأساسية التي تأسّس اصلاً عليها ملتقى حوار وعطاء بلا حدود بهدف تشكيل “اكبر لوبي نخبوي وطني جامع” يهدف لمناقشة كل الازمات والمشاكل الوطنية على انواعها وتعقيداتها، ويسعى لوضع مقترحات او آليات حلول لها، وبهدف الدفع قدر الإمكان لتلاقي اللبنانيين على القيم والقواسم المُشتركة التي تجمعهم، ونبذ كل اشكال التطرّف والعزل والتخوين التي يلجئ اليها البعض خاصة في السنوات الأخيرة. إذاً إن هذه المبادرة الإستشرافية هي محاولة متواضعة من قِبلتا لفتح كوّة بسيطة في جدار التصلّب والتعنّت والتطرّف والتهرّب من المسؤوليات والهروب الى الأمام الموجود تقريباً عند معظم الساسة والزعماء اللبنانيين، سعياً منّا للدفع لإستمرار جسور التواصل والحوار بينهم ولو بشكلٍ غير مباشر، علّ وعسى ننجح في مكانٍ في زرع بذرة صغيرة للحوار بين مختلف القوى السياسية والحزبية المُتمسّكة منذ فترة طويلة بمواقفها الفولاذية والمُتمرسة وراء متاريس عالية، لا تبشّرنا ابداً بأي خير على مشارف العام ٢٠٢٣، خاصة إذا ما استمرّت على هذا النحو من تقاذف التهم وتبادل ادوار التعطيل والتعطيل المُضاد، خاصة في ملف إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، وفي المُماطلة والإنكار والمكابرة، وهذا ما هو الأخطر في وضع الخطط الجدّية للتعافي الإقتصادي والمالي والنقدي الذي يؤرق جميع اللبنانيين ويذهلهم كثيراً بسبب هذه الخفّة وهذا الإهمال وهذا التآمر على اللبنانيين، وخاصة المودعين منهم والذي يرقى بحسب الكثير من الخبراء الى مستوى جرائم ضد الإنسانية يتعرّض لها اكثر من خمسة ملايين لبناني على ايدي اكبر واوسع شبكة من الفاسدين.

وبعد ان نشرنا سابقاً رؤى وتحليلات كل من المحامي كريم ضاهر، الدكتورة فاديا كيوان والدكتور طلال عتريسي والتي اتت بمعظمها مُتشائمة بالنسبة للتوقّعات التي ينتظرونها سياسياً وإقتصادياً في العام القادم، نُكمل مشورانا اليوم في استشراف آراء اهل الخبرة والتجربة مع هذه الطبقة السياسية الفاسدة، وننشر اليوم ما ورد في مداخلة الصديق نقولا تويني الذي شغل سابقاً منصب وزير مُفوّض لشؤون مكافحة الفساد. ولمن لا يعروفونه جيداً فهو حاصل على إجازة في العلوم الاجتماعية من ”جامعة ليون“ في فرنسا، وإجازة في العلوم الاقتصادية من ”الجامعة الأميركية في بيروت“. وهو ايضاً رجل أعمال لبناني ناجح، ومؤسس ”لشركة اوماترا“ التي لها انشطة في السعودية ومصر والعراق وسورية ولبنان.،وهو مُؤسّس لجمعية خيرية هي ”جمعية جان تويني الخيرية“ ورئيس ”تجمع عائلات بيروت“. وقد حاز على ”وسام الشرف الإيطالي“ من رتبة فارس ورتبة ضابط أعلى. وقد اجرى عدة مقابلات وشارك في عدّة ندوات وكتب عدّة مقالات في عدد من الصحف والمجلات اللبنانية والعربية حول امور مختلفة سياسية وإقتصادية. وهو معروف جداً بمناصرته لقضايا المظلومين والمقهورين والمستضعفين في هذا العالم، وخاصةً بمناصرته للقضية المُحقّة والعادلة للشعب الفلسطيني، ولكل المظلومين في عالمنا العربي والعالم بشكلٍ عام. وقد شاركنا في ندوة سابقة نظّمها الملتقى للحديث عن “حرب سيف القدس” الأخيرة في فلسطين المحتلة. وهو لا يُوفّر فرصة للدفاع عن قضية فلسطين واهلها.

وقد لاقت اجوبة الوزير السابق تويني بالكثير من الآراء اجوبة الأصدقاء الآخرين الذين استشرفنا آرائهم، بحيث انه اكّد ان هناك ازمة نظام دائمة في لبنان، وهي ناتجة عن ازمة النظام الطائفي والمُحاصصة في الأصل. واضاف ان هناك عدم إهتمام خارجي ب لبنان، وان الأطراف الخارجية غير مُتّفقة حالياً لأن لبنان ليس الأول على سلّم اولوياتها. واكمل بإن الحلول الإقتصادية مُهملة كلياً من قِبل السلطة، ولا إعتماد حتى اليوم لحلول جذرية اقتصادية واجتماعية لأن اهل الحلّ والربط لا يريدون ذلك، وهناك محاولة رخيصة من طرفهم للسطو على ما تبقى من ثروات في لبنان بما في ذلك ما بقي من اموال المودعين؟! 

وختم بالقول ان لا حاجة لمؤتمر تأسيسي بحسب ما فُهم من مواقف مُعظم القوى السياسية الموجودة، ولا إتفاق على ذلك حتى اليوم، وان العام ٢٠٢٣ سيكون صعب جداً على كل المستويات؟!

 واليكم الأجوبة التي قدّمها الوزير تويني على ما طرحناه عليه:

تويني: 

١. ما المخارج التي يُمكن أن تؤدّي إلى انتخاب رئيس للجمهورية وبما لا يجعل أمد الفراغ الرئاسي طويلاً ؟ وهل يُمكن لبننة الإنتخابات الرئاسية ؟ وهل ثمة شخصية معينة تتقدم على غيرها في السباق الرئاسي؟

هنالك أزمة نظام متكرّرة في لبنان ومزمّنة، والقاعدة الثابتة دائماً في هذه الأزمة هي كيفية توزيع الحصص والنفوذ وتوزيع الحصص والنفوذ بشكل طائفي وعلى الرئاسات الثلاثة الموجودة والموزعة على ثلاثة طوائف أساسية في لبنان وخاصة في موضوع رئاسة الجمهورية، في هذا الموضوع ان التوازن مفقود تماماً والمشكلة برأيي ليست بالإتفاق بين الأطراف على رئيس الجمهورية ولكن المشكلة آتية من توافق النفوذ الخارجي بين الدول على حلّ الأزمة أولاً في لبنان وثانياً القدوم برئيس الجمهورية.

موضوع حلّ الأزمة او الأزمات الخارجية يتفوّق إذاً أو يسبق بمسافات إنتخاب رئيس الجمهورية لأن في ضمن حلّ الأزمة هنالك حلول للإتفاق على شخصية لقيادة البلد ولتبوء هـذا المقعد.

أما بالنسبة للمرشحين، فأعتقد أن هنالك مرشحين لديهم حظوظ عالية في هذا الموضوع.

٢. في حال تمّ التوافق على إنتخاب رئيس للجمهورية هل يعني هذا الأمر وقوف لبنان على عتبة الإنقاذ والخروج من مُعضلاته كافة؟ وما مستقبل العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر؟ وهل يمكن ان يذهب التيار إلى التوافق مع القوات اللبنانية وحزب الكتائب والبطريركية على مرشح رئاسي واحد؟

في حال تمّ التوافق على رئيس للجمهورية أعتقد أن الملاحظة الأساسية هي تفاوت الإهتمام العالي من الساسيين في الداخل اللبناني بالقوى الخارجية وبمشيئة القوة الخارجية بينما هنالك ضعف في اهتمام أو لا مبالاة من الخارج بالإهتمام بالوضع اللبناني، فنرى أن الأطراف المُؤثّرة في السياسة اللبنانية غير مُلتزمّة بحلّ ما حتى الآن، بالنسبة للموضوع اللبناني واقولها ثانية” بالنسبة لإنتخاب رئيس جمهورية لأن حلّ الموضوع يسبق موضوع انتخاب رئيس الجمهورية.

 في موضوع التيار والحزب وهـل ان التيار سيبتعد عـن حزب الله أو سيتجه نحو الأحزاب الأخرى كحزب الكتائب والقوات اللبنانية والبطريركية، أرى أن الخلاف هو على اسم المرشح بين التيار وحزب الله ولو تمّ الإتفاق على إسم ستعود المياه الى مجاريها واستبعد الفرضية الثانية.

٣. ما الوسائل والخطط التي لم تعتمدها القوى السياسية صاحبة القرار لمعالجة الأوضاع الإقتصادية والمالية عمداً او تقصيراً او تآمُراً ؟ وما هي هذه الوسائل ؟ وما الذي يمنع اعتمادها واللجوء إليها ؟ 

أمّا بموضوع الوسائل والخطط التي تمّ اعتمادها من القوى السياسية فالحقيقة لم أرى أيّ من القوى السياسية مُهتمّة في حلّ الأزمة العميقة التي يعيشها الشعب اللبناني والدولة اللبنانية ولبنان ككل ولم أرى الاّ حلول ظرفية وسطحية جداً بدون أي دراسة أو نظرة عميقة أو نظرة ثانية لإيجاد حلّ إقتصادي، إجتماعي لحلّ المعضّلة التي نعيشها بشكلٍ يومي.

ولماذا لم يتمّ دراسة حلّ أو إبتكار حلّ او إتجاه لحّل أو المثول للحلول التي يقترحها صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي؟

أعتقد أنّ هنالك أولاً لا مبالاة فعليّة دوليّة بالوضع في لبنان أو مبالاة خفيفة عاطفية وليست حقيقية.

وأمّا في الوضع الداخلي فأرى أنّ مُعسكر الأقوياء ومُعسكر أهل النفوذ والمال لا يريدون حلّ في الوقت الحاضر وأهل النفوذ هم الأقوياء والأغنياء اليوم، وهم المُسيطرين على ما تبقّى من أموال وما تبقّى من ودائع لم يتمّ صرّفها حتى الآن وهؤلاء لا يريدون حلّ بل أعتقد أنّ هنالك نية للإستفادة المُضاعفّة من الوضع السيئ الذي يمرّ به لبنان ولو تابعوا على هذا السبيل، فأرى أنّ الفقر سيزداد في لبنان وستزداد السيطرة والغطرسة لمجموعة قليلة سوف تسيطر على جميع المستويات والقرارات الأساسية والثانوية التي يمكن أن تتخذّها هذه الدولة، فأرى أنّ الدولة اليوم مُنصاعة تماماً لمشيئة هؤلاء.  

٤. هل المطلوب حتماً الذهاب نحو مؤتمر تأسيسي أم أن التعديلات الدستورية والمؤتمرات الحوارية (الداخلية او الخارجية) تفي بالغرض؟ 

  أعتقد أنّ هنالك نيّة لطيّ موضوع المؤتمرات ولطيّ موضوع التعديلات الدستورية وهنالك نيّة قويّة لمُتابعة الوضع كما هو اليوم دون أيّ تغير للآسف.

 ٥. ما التقديرات المُرتبطة بالعام 

٢٠٢٣ ؟ وهل يُمكن أن يشهد بدايات حلّ ام أن ازمات لبنان الإقتصادية والسياسية نحو مزيد من التعقيدات والإنهيارات؟ 

أرى أنّ سنة 2023 ستكون صعبة” جداً جداً جداً لأنّ قرارات هؤلاء سوف تكون أصعب على الفقراء والطبقة الوسطى التي لم تعدّ موجودة في لبنان خاصةً وأنهم سيطروا على جميع أموال أكثر من مليون ونصف مودع وإنّ الحركة الإقتصادية ستتباطىء.

اما عن موضوع الغاز والبترول وموضوع شركة توتال التي ستبدأ بالإستكشاف والتنقيب وخاصة”في جنوب لبنان، فأعتقد أنّ هنالك إمكانية أنّ يكون إيجابياً ولكن ليس على المدى القريب أي بغضون سنة إنمّا على مدى أطول من ذلك ولكن المُهم لحتى لو جاءت كل أموال العالم الى لبنان من النخبة أو القيادة أو من هم المسؤليين الذين سوف يتولّون إدارة هذه الأموال وكيفية إدارتها ودراسة أنّ ما حصل في لبنان من إنفجارات سياسية وإجتماعية وإنفجارات حقيقية من المرفأ الى الوضع الإقتصادي التعيس الذي نعيشه فمن هو المسؤول عن كل ذلك وما هي الطريقة المثلى أوالفعّالة الشافية لتصحيح الخطأ فنستنتج انه يجب ضرب كل الفاسدين وكل من أدخلنا في هذه الدوّامة من السرقة والفساد والإحتكارات وإحتكار القرار والتفّرد في القرار والتعنّف والظلم ومصادرة العدل في لبنان، ونقول أنّه في هذه الحالة أي في حالة قلب موازين سلطة القرار الممنوحة لهم وفقط ففي هذه الحالة بإمكاننا بالسير بحلول بنّاءة، ولدينا الكثير من المُفكّرين ومن العلماء الإقتصاد وعلم الإجتماع قادرين على العثور على وميض نور يخرجنا من النفق المظلم.

 

د طلال حمود-منسّق ملتقى حوار وعطاء بلا حدود ورئيس جمعية ودائعنا حقّنا.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal