ميقاتي يُبرّد الأرضية الطائفية من بكركي!… غسان ريفي

حرص رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على تبريد الأرضية الطائفية التي يحاول البعض تسخينها في البلاد على خلفية إنعقاد جلسة لمجلس الوزراء مطلع الأسبوع الفائت لتسيير شؤون اللبنانيين ومعالجة قضاياهم، وذلك خلال زيارة قام بها الى الصرح البطريركي في بكركي حيث إلتقى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ووضعه في الأجواء التي رافقت إنعقاد الجلسة الحكومية.

زيارة الرئيس ميقاتي جاءت بعد الايجابية التي عبر عنها البطريرك الراعي تجاهه في عظة الأحد أمس الأول، حيث دعاه الى العمل على الصعيدين العربي والدولي لانتخاب رئيس للجمهورية، كما إعترف بصلاحيات حكومته وتمنى بأن يكون هناك تأنيا في إستعمالها، منتقدا من يحاول إستغلال هذه الصلاحيات سياسيا وطائفيا في إشارة واضحة الى رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي لم يكتف بالتحشيد الطائفي، بل وضع في مقابلته مع الزميل ماريو عبود الجلسة الحكومية في خانة الالغاء للمسيحيين الذي يهدد وجود لبنان في محاولة منه لتكبير الحجر الطائفي الذي تشير المعطيات الى أنه عاد الى حجمه الطبيعي بعدما أيقن الكثيرون بأن الهدف منه لا يعدو تحقيق مصلحة سياسية على حساب شعارات طائفية كبرى.

لذلك، فقد حرص الرئيس ميقاتي على وضع البطريرك الراعي في حقيقة الأسباب الموجبة التي دعت الى عقد الجلسة الحكومية وتأكيد دستوريتها وميثاقيتها حيث كان هناك تمثيلا لكل الطوائف فيها، وبالتالي فإن ضرورة إصدار بعض المراسيم المتعلقة بالاعتمادات المالية للمستشفيات لتعاود إستقبال مرضى السرطان وغسيل الكلى وإقرار حقوق العسكريين والمعلمين وتسيير شؤون المرفق العام هي التي دفعت الى إنعقاد الجلسة الحكومية وهي التي أقنعت التيارات السياسية الأخرى بالمشاركة، باستثناء التيار الوطني الحر الذي يرمي رئيسه جبران باسيل من خلال رفع السقوف الى أمور أخرى تتعلق بحضوره ونفوذه وطموحاته الرئاسية.

وعبر الرئيس ميقاتي من خلال بيت الشعر الذي قاله للبطريرك الراعي “إن حظي كدقيقٍ فوقٓ شوكٍ نثروه. ثم قالوا لِحُفاةٍ يومَ ريحٍ اجمعوه”، عن معاناة حقيقية يواجهها في عمله الحكومي حيث مطلوب منه الكثير الكثير، مقابل إمكانات وصلاحيات محدودة، ومحاولات لوضع العصي في دواليب قطار حاجات الناس التي لا بد من إقرارها في جلسات حكومية، حيث لم يخف الرئيس ميقاتي أنه ماض في متابعة أمور المواطنين ومعالجتها، آخذا بنصيحة البطريرك الراعي بالتشاور مع الوزراء الذين سيدعوهم الى جلسة حوار للتوافق على كيفية إدارة المرحلة المقبلة تحت مظلة ثوابت خدمة اللبنانيين.

يمكن القول إن الرئيس ميقاتي أعاد الأمور الى نصابها في بكركي، خصوصا أن إتجاه باسيل نحو نعبئة مسيحية عامة لم ينجح، لا سيما بعدما دعا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع حكومة تصريف الأعمال الى “إجتماع فوري وضروري من اجل استجماع كل المعطيات المطلوبة حول مطار بيروت بعد المعلومات حول قيام طيران “معراج” بتهريب الأسلحة لمصلحة حزب الله”. 

وبالرغم من أن دعوة جعجع لها أهدافا سياسية بتبني معلومات إسرائيلية للنيل من المقاومة ضاربا بعرض الحائط نفي وزير الداخلية ومدير عام الطيران المدني وجهاز أمن المطار لأي عمل من هذا النوع والتأكيد على أن المطار يستوفي كل الشروط الأمنية، إلا أنه في النهاية إعترف صراحة بإمكانية إجتماع الحكومة عند الضرورة، ما يعني معارضة طروحات باسيل الذي وجد نفسه وحيدا، فسارع الى التهديد بزوال لبنان في حال “إستمر العمل على ضرب الوجود المسيحي من خلال إستمرار إجتماعات مجلس الوزراء في ظل الشغور الرئاسي”، ما إستدعى ردا حاسما من الرئيس ميقاتي الذي أكد أن “لبنان لن يكون يوما مهددا، وهو دولة عمرها مئة سنة فلا يهددنا أحد بأي شكل من الاشكال او يهوّل علينا بوجود خطر على لبنان. هذا الامر مرفوض نهائيا، والبلد يعنينا جميعا”.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal