الفقر يولّد النقار.. والعجز عن إنتخاب رئيس يفتح سجالات لا طائل منها!… غسان ريفي

شكلت الجلسة النيابية السادسة لانتخاب رئيس للجمهورية وما رافقها من ذكريات حربية، وإشتباكات كلامية، وسجالات دستورية، إنعكاسا للواقع السياسي المأزوم، وللانقسام العامودي، وللعجز عن إنتاج توافق يُفضي الى إنتخاب رئيس. 

بدا واضحا أن “الفقر يولد النقار” وقد تُرجم ذلك بترك جوهر الانتخاب والتلهي بالقشور التي تمثلت أمس بنقاشات حول نصاب الثلثين أو النصف زائدا واحدا، وهي كلها “لزوم ما لا يلزم”، حيث لم يسبق لرئيس في لبنان منذ العام 1920 أن إنتخب إلا بنصاب الثلثين. 

كما أن نصاب الثلثين يصب في مصلحة المسيحيين أنفسهم، خصوصا أن نصاب النصف زائدا واحدا قد يؤدي الى فوز رئيس البلاد بـ 33 صوتا أو أكثر بقليل، وربما يفقد الميثاقية التي تعتبر أساسا أي إستحقاق دستوري، إذا ما تكتلت مذاهب من لون واحد مع بعضها البعض وأمنت النصاب وإنتخبت رئيسا بمعزل أن الطرف الآخر سواء كان مسيحيا أو مسلما، ما يعني أن إعتماد الانتخاب بنصاب النصف زائدا واحدا من شأنه أن يقود البلاد الى الفوضى والتوترات بفعل الاخلال بالتوازنات التي تعتبر أساسا في تعزيز الاستقرار.

هو اللعب في الوقت الضائع لنواب يضحكون على أنفسهم وعلى اللبنانيين، ويتكبدون مشقة الانتقال كل خميس الى مجلس النواب من أجل القليل من نقاشات تحرك الغرائز الطائفية، وتسجل النقاط بين الكتل البرلمانية، ومن ثم تكرار المشهد في التصويت الذي ينقسم أكثريته بين الورقة البيضاء والنائب ميشال معوض، فيما يتفنن البعض الآخر في إختيار الأسماء والشعارات وصولا الى الأوراق الملغاة.

لا شك في أن المشهد بات سورياليا، فخارج مجلس النواب معاناة ومآسٍ وبطالة وفقر وغلاء وعتمة وفقدان أدوية وإنعدام إستشفاء ومستقبل مجهول وموت مجاني، وفي داخله مسرحية هزلية بسيناريو سيء وممثلين أسوأ، ما يجعل الهوة سحيقة بين نواب الأمة وتطلعات هذه الأمة.

اللافت في الجلسة السادسة، هو التصويت للمرة الأولى لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي حصل على صوت واحد مجهول المصدر، لكنه ترك الكثير من التحليلات حول سبب هذا التصويت، وهل هو لـ “الزكزكة” بهدف إحراق الاسم الذي تحرص القوى المتحمسة لفرنجية على تغليفه بالورقة البيضاء الى أن يحين أوان طرحه؟، أم هو إيذان ببدء المعركة وحشد الأصوات لفرنجية الأمر الذي أخرج باسيل عن طوره فقصف جبهات من يُفترض أنهم حلفاءه في الخط، بصليات كلامية صاروخية من خارج الحدود عبّرت عن “الهستيريا” الباسيلية المعطوفة على واقع نفسي صعب يعيشه رئيس التيار البرتقالي منذ إنتهاء عهد ميشال عون وبعدما تأكد بأن حظوظه في الوصول الى الرئاسة باتت معدومة وهو القائل “بدنا رئيس عليه القدر والقيمة”، فسعى الى توتير الأجواء عبر تسريب صوتي باريسي مقصود، علّ الفوضى التي يسعى إليها تترك له مساحة أمل يمكن أن يفاوض عبرها وتبقي حظوظه الرئاسية قائمة.

يوم الخميس المقبل ستعقد الجلسة السابعة وهي لن تحمل جديدا، طالما لم يبادر أي طرف في رمي حجر في المياه الرئاسية الراكدة، سواء عبر حوار ربما يعود الرئيس نبيه بري ويدعو إليه مع إنسداد الأفق بالكامل ما قد يساهم في إمكانية تهريب هذا الاستحقاق وإنتخاب رئيس، أو عبر وحي دولي ـ إقليمي تحدث عنه النائب أشرف ريفي وحدد موعدا له بعد 15 شباط، أي بعد ثلاثة أشهر بالتمام والكمال، فهل يصمد البلد الى هذا التاريخ؟!..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal