الموازنة.. البداية المتعثرة والسلوك السياسي المقنّع!… شفيق ملك

يجتاز لبنان مرحلة خطيرة من التأزم السياسي في جميع النواحي بـ”كلا” مجتمعيه، السياسي والشعبي على حدّ سواء.

يصاحبه قهر جماعيّ للشعب اللبناني، لما وصل إليه الوضع الاقتصادي المتدنيّ، ليمسّ مباشرة لقمة العيش للمواطن يومياً.

قهر تراه في أعين الناس، دون استثناء، أسعار المحروقات عموماً ومادة البنزين خصوصاً أصبحت سلعة مربوطة بالنظام العالمي لسعر برميل النفط.

يضاف إليها، أرجوحة الدولار المحليّ في سوق الصيارفة اللبناني المتفلّت دون اهتمام ورقابة مباشرة من البنك المركزي، وأيضاً مراقبة ومعالجة سعر صرف الدولار من قبل الوزراء المختصين بالحكومة الحالية لتصريف الأعمال.

علماً أن مادة البنزين قد تمّ رفع الدعم المالي عنها كلياً، حتى لا يبق لدى أي طرف سياسي عذراً أو مبرراً بسبب الهدر المالي من الدعم.

ويبقى ضبط أسواق التهريب خارج الحدود اللبنانية. هذا المشروع بناء متكامل طويل المسار، قديم طالما كان الشغل الشاغل للناس منذ سنوات ويحتاج إلى قرار سياسي جامع، تتبنّاه الحكومة وتؤازره سدة الرئاسة، بإجماع من مجلسه النيابي.

على أن يترك تطبيقه بالأيادي الأمينة سياج الوطن اللبناني الوحيد، الجيش اللبناني.

الصورة تكتمل وترى في نفس اليوم، ونفس التوقيت، إنما بإحداثيات مختلفة، فتاة لبنانية شابة تحمل مسدساً مزيفاً تطالب بوديعتها المالية في أحد بنوك بيروت. بغاية طبابة شقيقتها المريضة بمرض عضال.

مشهد آخر يكتمل في مجلس النواب لعقد الجلسة الأولى لمناقشة الموازنة العامة لعام 2022، وقد شارفنا على نهايته. حتى الآن لا نور يبشّر بميزانية عام 2023 .

مشهد يعبّر عن مواطنة تطالب بوديعتها المحقّة، بمنطق التهديد المزيّف، ومجلس نيابي يناشد مناقشة الميزانية بـ 58 صوتاً حضروا من أصل 128 نائباً.

لم يحقق النصاب ولم يتم النقاش في حينه وأرجأ المجلس المناقشة لليوم الذي يليه. أي يوم الخميس في الخامس عشر من أيلول 2022 .

يوم واحد هل كان سيحدث فرقاً في مناقشة الموازنة العامة وإقرارها.

ألم يكن من الأفضل بمكان أن يرحّل ليوم واحد لعقد الجلسة، ونتفادى جميعنا شعباً وحكومة هذا المشهد، المعيب انقسام حاد لنواب المجلس النيابي من مؤيد أو معارض، في ذكرى اغتيال رئيس للجمهورية اللبنانية منذ أربعين عاماً.

أما في الموازنة العامة ماذا نقول وهناك انقسام حاد في فذلكتها ومكوناتها من قبل الساسة والاقتصاديين.

فريق ينادي بإقرارها أيّا تكن مكوناتها، وإقرارها ضروري ولو كانت ترتدي لباساً بشعاً، لتحقيق أحد مطالب صندوق النقد الدولي الملّح.

رأي آخر ينادي بتعديل كبير في بنودها وجعلها خطة متكاملة محكمة حتى تفي بالغرض المنشود، وإلاّ ستكون صورية الشكل. هناك ثمانية بنود لشمل الموازنة أبرزها، توحيد سعر صرف الدولار وتحديد سعر الدولار الجمركي لها. إبراز الجدوى الاقتصادية لتطال كافة فئات الشعب اللبناني.

إعادة هيكلة مصرف لبنان، وإعادة هيكلة جميع المصارف وتخفيض عددها ودمجها، ليصبح إجمالي عددها مقبولاً يتناسب لحجم الاقتصاد اللبناني، متناسباً مع تعداد سكانه المقيمين.

قرض الكهرباء، تأليف الهيئة الناظمة المطلوب تطبيقها منذ زمن بعيد ولا أرى من سبب في تأخير لها من قبل الحكومة ومؤسسة كهرباء لبنان.

رفع سعر التعرفة للكيلو واط ساعة، في هذا الخصوص من ينادي بغرابة، اضمنوا تدفّق التيار الكهربائي للمواطن اللبناني ثم أقرّوا بند زيادة التعرفة. إن صحّ هذا القول لننتظر 2-3 سنوات للحصول على محطات الكهرباء ومن ثمّ إقرار الزيادة.

مطلب غير منطقي جملة وتفصيلاً، ما وراءه هو المراوحة في عدم المباشرة بالإصلاح في جسم وزارة الطاقة والسير في الأولويات والإبقاء على الفساد السياسي. وماذا عن التحصيل للإيرادات؟

خطة شاملة لاسترجاع أموال المودعين جميعاً وتكون في حدود زمني مقبول ضمن 5 سنوات على الأكثر.

يحصل جميع المودعين على حقوقهم من البنوك المعنية دون قطع في الحساب أو مساهمة في الخسائر.

في متابعة الجلسة الأولى للمجلس النيابي بعد تعثرّها من أولى خطواتها، ونسمع التصاريح المختلفة من النواب الذين حضروا الجلسة الأولى.

نائب وازن من كتلة نيابية كبيرة رفضت الحضور إلى المجلس النيابي بسبب حلول ذكرى الاغتيال الرئاسي، يدلي بتصريح أنه مع بدء الجلسة ومناقشة الموازنه وعدم تمنّع المشاركة بالمقابل يدلي بقوله وهو إرجاء الجلسة ليوم آخر. وهذا ما تمنى عليه بطلب من هيئة المجلس النيابي. هذا هو منتهى التناقض بعينه.

كثيرون من النواب سلكوا نفس المسار، وأدلوا بدلوهم إنما بكلمات مختلفة.

معظم النواب ظهر عليهم ملامح النفاق السياسي والسلوك غير المقبول من نواب يمثلون الآن صوت الشعب ومؤتمنين على حقوقه.

مما تقدم وما سنراه في الأيام القادمة من نقاش وتطورات سياسية لا أىر حلاّ في الأفق القريب للأزمة التي يعيشها لبنان الوطن.

عاش لبنان سيداً حرّاً مستقلاً .

الكاتب: شفيق ملك

المصدر: سفير الشمال

     


Related Posts


     

                    

Post Author: SafirAlChamal