مرحلة تأليف اللوائح بدأت ومشهد سياسي مختلف ينتظره لبنان… عبد الكافي الصمد

مع انتهاء فترة تقديم طلبات الترشيح للإنتخابات النيابيّة المقرّرة في 15 أيّار المقبل، والتي انتهت في 15 آذار الجاري بوصول العدد النهائي للمرشّحين إلى 1043 مرشّحاً بالتمام والكمال، يمكن القول إنّ الجدّ قد بدأ فعلياً بدخول الإنتخابات المرحلة الثانية منها وهي مرحلة تأليف اللوائح التي ستستمر حتى منتصف ليل يوم 4 نيسان المقبل.

قبل ذلك الموعد بأيّام، وتحديداً في 30 آذار الجاري، ستنتهي مهلة سحب الترشيحات للإنتخابات، حيث يتوقع أن يقدم مرشحون على سحب ترشيحاتهم، كما جرت العادة في كلّ دورة انتخابية، لأسباب مختلفة، ما يعني أنّ عدد المرشحين سينخفض حينها، قبل أن ينخفض مرة جديدة بعد استحقاق 4 نيسان، لأنّ القانون الإنتخابي يلحظ شطب أيّ مرشّح من لائحة المرشّحين النّهائية والرسمية إذا لم ينضو في لائحة معينة ضمن دائرته الإنتخابية المحدّدة.

خلال هذه الأيّام ستنشط الحركة الإنتخابية والإتصالات واللقاءات من أجل بلورة تحالفات ولوائح مختلفة، وسط توقعات أن تشهد مختلف الدوائر عدد لوائح أكثر من تلك التي شهدتها الإنتخابات الماضية، وأن يكون التنافس أشدّ، نظراً لعدد المرشحين الكبير في الإنتخابات المقبلة مقارنة بعددهم في الإنتخابات السّابقة الذي كان أقل.

بلغة الأرقام يمكن ملاحظة الفرق في ذلك في دوائر الشّمال الثلاث. ففي دورة إنتخابات 2018 أقفل العدد النهائي للمرشحين في دائرة الشّمال الأولى (عكّار) على 37 مرشّحاً توزعوا على 6 لوائح تنافسوا على 7 مقاعد، بينما العدد اليوم وصل إلى 84 مرشّحاً، أي أكثر من الضعف، ما يعني زيادة طبيعية في عدد اللوائح المنتظرة.

وفي دائرة الشّمال الثانية (طرابلس والضنية والمنية) بلغ عدد المرشحين قبل أربع سنوات 75 مرشّحاً تنافسوا في 8 لوائح، بينما وصل عددهم هذه المرّة إلى 141 مرشّحاً، بزيادة أقل من النصف بقليل، أيّ أنّ عدد اللوائح المتنافسة سوف يزيد بشكل مؤكّد.

أمّا في دائرة الشّمال الثالثة (زغرتا والكورة والبترون وبشري)، فقد وصل عدد المرشّحين حالياً إلى 67 مرشّحاً، بعدما كان في دورة الإنتخابات السّابقة 38 مرشحاً توزعوا على 4 لوائح، أيّ أقل من النصف أيضاً، ما يدل أن عدد اللوائح سيزيد بلا شكّ.

الزيادة الملحوظة في أعداد المرشحين لا يعود إلى غياب أقطاب الطائفة السنّية عن المشاركة في الإنتخابات المقبلة، وتحديداً رؤساء الحكومات السّابقين، ما دفع مرشحين ذوي شعبية أضعف لاغتنام الفرصة والترشّح طمعاً بالفوز، تحت شعار “ملء الفراغ”، بل يعود إلى تداعيات حَراك 17 تشرين الأوّل 2019. فإذا كان زيادة عدد المرشّحين في المناطق ذات الغالبية السنّية مفهوماً للسبب الآنف الذكر، كدائرتي الشّمال الأولى والثانية، فما الذي يبرّر زيادة عدد المرشّحين نحو الضعف في دائرة الشّمال الثالثة ذات الغالبية المسيحية، حيث ما يزال زعماء وأقطاب الطائفة المسيحية على اختلافهم حاضرون ويتنافسون بكلّ ضراوة؟

كل ذلك يؤكّد أنّ الإنتخابات المقبلة ليست مختلفة فقط شكلاً ومضموناً عن الإنتخابات السّابقة، برغم خوضها حسب قانون الإنتخابات السابق، بل سترسم صورة مختلفة عن لبنان، والمشهد السّياسي فيه الذي يرتقب أن يُسفر عنه مخاض إستحقاق 2022.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal