حياد لبنان.. خيار استراتيجي بين نقيضين (29)… صبحي عبدالوهاب

تنشر ″سفير الشمال″ على حلقات كل يوم ثلاثاء دراسة حول طرح ″الحياد″ أعدها الباحث صبحي عبدالوهاب،  وفيما يلي الحلقة الـ29 ..

يواجه حزب الله أطروحة حياد لبنان ودوره في الصراع العربي الإسرائيلي وموقفه من القضية الفلسطينية ومسألة إحتلال إسرائيل للأراضي اللبنانية بالإعتماد على خيار إستراتيجي يرتكز على محورين أساسيين: الأول إيديولوجي والثاني سياسي.

يمكن تلخيص إيديولوجية حزب الله في جانب من الوثيقة التاريخية التي تم الإعلان عنها في 16 شباط / فبراير من العام 1985 وتتضمن “السماح لجميع أبناء شعبنا بتحديد مستقبلهم واختيار شكل الحكومة بكل حرية. ندعوهم جميعًا إلى اختيار خيار الحكم الإسلامي القادر وحده على ضمان العدالة والحرية للجميع. وحده النظام الإسلامي هو القادر على إيقاف أي محاولات مبدئية مستقبلية للتسلل الإمبريالي إلى بلدنا”.

وينظر حزب الله إلى صراعه مع إسرائيل والشعب اليهودي على أنه بدوافع دينية. وأن تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي بالنسبة لهم هو تكرار للتفاعلات السلبية بين يهود شبه الجزيرة العربية في العصور الوسطى ومحمد والأمة المبكرة الموصوفة في القرآن والنصوص الإسلامية الأخرى. لقد لعن الله ، بحسب لاهوت حزب الله، اليهود جميعًا باعتبارهم مجدفين ملعونين في كل العصور وعبر التاريخ فان حملة حزب الله لتخليص شبعا من القوات الإسرائيلية ذريعة لشيء أكبر و”إذا ذهبوا من شبعا، فلن نتوقف عن قتالهم”. “هدفنا هو تحرير حدود فلسطين عام 1948، ويمكن لليهود الذين نجوا من حرب التحرير هذه العودة إلى ألمانيا أو إلى أي مكان أتوا منه”، وأن اليهود الذين عاشوا في فلسطين قبل عام 1948 “سيسمح لهم بالعيش كأقلية وستتم رعايتهم من قبل الأغلبية المسلمة”.

ومن ثم نشر حزب الله بيانًا جديدًا في الأول من كانون الأول (ديسمبر) 2009، غيّر اتجاهه ليظل متماسكًا بشكل أفضل مع الوضع الحالي في مجتمعه. وإحتوى هذا البيان الجديد على لغة تقلل من أهمية الخطاب الإسلامي وتركز أكثر على القضاء على النظام الطائفي القائم الآن في لبنان ويدعو إلى استبدال هذا النظام بنظام علماني حديث.

ومع ذلك، ينص البيان الجديد على أن الولايات المتحدة وإسرائيل “ما زالا أعداء حزب الله الرئيسيين. علاوة على ذلك، فإنه يلغي إمكانية فتح نقاش حول حقه في حمل السلاح. وتتابع هذه الأجندة بمساعدة العديد من الحلفاء المتشابهين في التفكير في المنطقة”.

وتطال إيديولوجية حزب الله المرتكزات الأساسية للمارونية السياسية بتاريخية مواقفها وخياراتها ومواقع قوتها المتمثلة بالبطريركية المارونية والرهبانيات والمؤسسة العسكرية أي الجيش اللبناني والإمكانات المالية والإقتصادية والمجمعات الثقافية التي إحتضنت منظرين كثر بحيث أن أحدهم لم يتسامح معهم وهو واحد من الإيديولوجيين المتشددين من السياسيين والمفكرين الشيعة  في الصفحة 1138 من مؤلفه “المارونية في لبنان / قديما وحديثا” بحيث لم  يوفر تاريخ رؤساء الجمهورية فإعتبر “أن السمات العامة لرؤساء لبنان الذين تعاقبوا على سدة الرئاسة منذ عام 1926 تمثلت في محاربة الإسلام والمسلمين، بكل الطرق والوسائل، والمتاجرة بالنفوذ وكثرة الفضائح، والإستئثار بالسلطة، وإستثمار للمركز الى أقصى حد ممكن، وتزوير ارادة التمثيل الشعبي، وإختلاس الأموال، وعقد الصفقات السرية والمشبوهة مع الأجانب، والبحث عن الحلفاء في الخارج والإستقواء بالأساطيل والجيوش المعادية، والتركيز على بدعة لبنان الماروني”.

إلا أن البرغماتية السياسية التي يمتهنها حزب الله بأعلى درجاتها المهنية هي التي جعلته يستثني الرئيس إميل لحود، فزار في وقت من الأوقات وبحسب موقع “الكوثر الإلكتروني” وفد من كتلة الوفاء للمقاومة برئاسة النائب محمد رعد ورفقة النائبين ابراهيم الموسوي وأمين شري رئيس الجمهورية اللبنانية السابق العماد إميل لحود في دارته في اليرزة، مهنئًا بعيد المقاومة والتحرير. وقال رعد حينذاك: “اليوم هو يوم عيد المقاومة والتحرير وهذا اليوم له رمزيته وله رجاله ومن أهم رجاله رئيس العهد الذي حصل فيه التحرير وهو فخامة الرئيس اميل لحود لذلك نحن نحرص على زيارته ومعايدته في هذا اليوم ونكن له كل التقدير والوفاء لجهوده ورعايته وحمايته لخيار المقاومة الذي استطاع خلال 18 عامًا من مواجهة الإحتلال الإسرائيلي أن يطرد هذا الاحتلال وأن يقلب المعادلة في المنطقة ويضع موازين صراع جديدة تقوم على توازن الردع، ونحن خلال 18 عامًا طردنا الاحتلال وقلبنا المعايير وأنشأنا مناخًا جديدًا في البلد يقوم على أساس وحدة وطنية”. مما يعني أن الرئيس العماد اميل لحود هو ” الشريك الفعلي لمسيرة المقاومة في لبنان والذي واكب انطلاقتها منذ ان كان ضابطا في الجيش اللبناني وقائدا له ولا يمكن لأحد أن ينسى موقفه في العام 1993 عندما حاول الكثيرون ضرب الجيش والمقاومة كيف كان موقفه الى جانب حق المقاومة في محاربة العدو الإسرائيلي حتى تحقق تحرير عام 2000 وكان للرئيس اميل لحود ايضا المشاركة بنصر العام 2006 من حيث تأمين القرار السياسي في حماية المقاومة في مجلس الوزراء”.

 ومن جهة أخرى يتناسى حزب الله المسيرة السياسية للرئيس العماد ميشال عون ويعمل على توثيق العلاقة معه بدءا من إتفاق مار مخايل مرورا بالتحالف مع  تياره السياسي وصولا الى ممارسته لكل أنواع  الضغوطات لإيصاله  الى مركز رئاسة الجمهورية، وهو يأمل ودائما وفق منظار النائب رعد “في عهد فخامة الرئيس ميشال عون  أن يجد مشروع قيام الدولة اللبنانية التي يسودها القانون وتحكمها المؤسسات طريقه لأن الشعب اللبناني يئس من كل الاجراءات الشكلية التي لا تبنى على استراتيجية واحدة. وأن المقاومة لها استراتيجيتها الدفاعية التي استطاعت أن تحقق جدواها وتطرد المحتل ولكن الدولة لم تجد بعد استراتيجيتها لقيام مؤسساتها وتحكيم القانون في العمل”، ولكن الذاكرة السياسية لمجريات الأحداث ومواقف مختلف التيارات والفرقاء اللبنانيين إختزنتها “البوابة الإلكترونية ” حيث  أعلن العماد ميشال عون حينما كان رئيسا للحكومة العسكرية السابقة في لبنان” أن حزب الله الذي سيطر على المنطقة المحررة من جنوب لبنان “لم يحرر البلاد”، حسبما أفادت وكالة فرانس برس. وكان ذلك مساء الأربعاء الواقع فيه 25 أيّار / مايو 2000  وأضاف لإذاعة “فرانس-انفو” إذا “كان حزب الله يكن ولاء لسوريا أو لإيران لا يمكنه أن يقول أنه حرر لبنان. وما هو الفرق بين الولاء لإسرائيل أو بلد آخر؟”. 


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal