خطة التعافي الاقتصادي على طاولة ماكرون!… غسان ريفي

مع وصول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى قصر الأليزيه للقاء الرئيس إيمانويل ماكرون ظهر يوم الجمعة تكون فرنسا قد دخلت رسميا على خط دعم لبنان ومن خلفها الاتحاد الأوروبي بشخص مفوضه العام جوزيب بوريل المتحمس لاخراج هذا البلد من أزماته.

من الطبيعي أن تكون الوجهة الأولى للرئيس ميقاتي بعد نيل حكومته الثقة هي فرنسا، خصوصا أنها الوحيدة التي قدمت عبر رئيسها الذي زار لبنان مرتين مبادرة للحل ولتشكيل حكومة إنقاذية إنتظرت الأخذ والرد والتجاذبات والصراعات حولها 13 شهرا سقط خلالهم رئيسان مكلفان، الى أن شكلها الرئيس ميقاتي الذي يسعى الى تتويج هذه المبادرة بوضع خطة التعافي الاقتصادي التي إلتزمت الحكومة بتنفيذها في البيان الوزاري على طاولة الرئيس ماكرون يوم غد الجمعة.

يبدو واضحا أن الفترة الزمنية القصيرة لعمر الحكومة يضطرها الى العمل بشكل أكبر على الخطط القريبة المدى، حيث من المفترض أن ينتج عن لقاء الأليزيه تصور لبناني ـ فرنسي مشترك لخطة النهوض تتوج في مؤتمر لدعم لبنان يعقد الشهر المقبل، مع إحياء لمؤتمر سيدر في عملية دمج تعيد ترتيب الأولويات التي تبدأ بالاصلاحات في قطاعات الكهرباء والصحة (تطوير المستشفيات الحكومية) والتعليم (مدارس رسمية وجامعات معاهد)، وإعمار مرفأ بيروت والجزء المدمر من العاصمة، وإعطاء الدعم اللازم لتحريك العجلة الاقتصادية كما سبق وتعهد الاتحاد الأوروبي الذي يتبنى التصور الفرنسي للبنان.

كما أن التفاوض مع صندوق النقد الدولي سيكون الطبق الرئيسي على طاولة ماكرون ـ ميقاتي، خصوصا أن رئيس الحكومة يسعى الى التخفيف من تأثيرات شروطه على الطبقتين الفقيرة والمتوسطة في لبنان والدفع الى أن يتعاطى مع لبنان بشكل إيجابي تماشيا مع الدعم الدولي المطلق للحكومة اللبنانية الجديدة.

من المفترض أن يعقد فريق رئيس الحكومة إجتماعات مع فريق الأليزيه لترتيب الملفات التي ستبحث على طاولة ماكرون ـ ميقاتي، مع التشديد على ضرورة أن تكون نتائجها سريعة بما يساهم في ترجمة وعود الرئيس ميقاتي في إحداث صدمة إيجابية للبنانيين ومنحهم الأمل في إمكانية الخروج من هذا الكابوس الاجتماعي والاقتصادي، وفي تنفيذ بنود البيان الوزاري الذي إلتزمت به الحكومة، في حين تشير المعلومات الى تفهم فرنسي كامل ودعم مطلق للمهمة الانقاذية، وصولا الى وضع خبراء فرنسيين في تصرف الحكومة اللبنانية لتقديم المساعدة في بعض الملفات لا سيما الكهرباء التي تشكل أولوية في هذا الاطار.

مع زيارة الرئيس ميقاتي الى فرنسا يكون لبنان قد خطا خطوة متقدمة نحو فك العزلة التي أرخت بظلالها القاتمة على حكومة حسان دياب وخلال الفترة الطويلة من الفراغ القاتل، خصوصا أن التواصل الدولي والعربي عاد وبوتيرة متسارعة مع الرئيس ميقاتي بمجرد نيل حكومته الثقة، وترجم بزيارة السفير الكويتي عبدالعال القناعي لتهنئته ونقل رسالة من رئيس الحكومة الكويتي يؤكد فيها أن “رئيس الحكومة اللبنانية مرحب به في الكويت فالبلد بلده والأهل أهله”، وكذلك الزيارات المتلاحقة لسفراء أميركا وفرنسا وبريطانيا والصين وغيرهم، والاتصالات التي تلقاها ميقاتي وفي مقدمتها من العاهل الأردني عبدالله الثاني الذي سبق إتصاله موقفا متقدما له في الجمعية العامة للأمم المتحدة دعا فيه المجتمع الدولي الى “ضرورة دعم لبنان وإخراجه من أزماته”، فضلا عن إتصالات عدة إقليمية أبرزها من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وعربية أبرزها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وزير الخارجية المصري سامح شكري وغيرها من الاتصالات التي أكدت جميعها وقوفها الى جانب الحكومة اللبنانية في مهمتها الانقاذية..

لا شك في أن الحيوية السياسية والدبلوماسية والزيارات الرسمية التي عاد لبنان ليشهدها مجددا، تؤكد أن الجهد الذي يبذله الرئيس ميقاتي على كل صعيد يحتاج الى مواكبة داخلية وتعاون سياسي صادق ليتلاقى مع المبادرات البالغة الأهمية لا سيما تلك التي كسرت الحصار على سوريا من أجل تمرير الغاز المصري والكهرباء الأردنية الى لبنان..


Related Posts


 

Post Author: SafirAlChamal