محطات طرابلس تهدد الاستقرار.. من الأقوى الأجهزة الأمنية أم ″شبيحة″ البنزين؟..

خاص ـ سفير الشمال

لم يعد أمام أصحاب محطات المحروقات سوى شراء البنزين من الشركات وبيعها الى ″شبيحة″ السوق السوداء لكي يحققوا من خلالها أرباحا طائلة، أو ربما لم يعد أمامهم سوى مشاركة هؤلاء في تقاسم الارباح وحرمان المواطنين من البنزين المدعوم على سعر 8000 ليرة للدولار الواحد ودفعهم الى الالتزام بتسعيرة بعض “الزعران” الذين باتوا يتحكمون بالمحطات وبالسوق.

لعل ما يحصل على محطات البنزين في طرابلس هو من أبرز بوادر سقوط الدولة، حيث تتفلت الأمور من عقالها، ويتحكم بعض الشبيحة بآليات التعبئة فيهددون ويتوعدون بالتفجير واطلاق النار تارة وبالتكسير تارة أخرى، ويعتدون بالضرب بالعصي أو بالسلاح الأبيض على كل من يعترض طريقهم في تعبئة السيارات والموتورات والغالونات التي تذهب مباشرة الى السوق السوداء لتحقيق أرباح ربما تفوق أرباح تجارة المخدرات، من دون حسيب قضائي أو رقيب أمني ما يجعل المحطات تخضع لشريعة غاب يأكل فيها القوي الضعيف، ويعتدي فيها الشبيح على المواطن العادي.

لم يعد الأمر يٌحتمل، فالمواطنون لم يعودوا يواجهون طوابير الذل على المحطات فحسب، بل هم يتعرضون لشتى أنواع المخاطر التي تهدد حياتهم وسلامتهم، في ظل غياب الأجهزة الأمنية بشكل شبه كامل، وحضور خجول للجيش اللبناني الذي يبدو أن قيادته قررت عدم التدخل إلا عند حصول الاشكالات وسقوط دم، ما أدى الى تفاقم الأمور وإعطاء أسوأ صورة عن طرابلس وأهلها وترك أمر المحطات لعدد من الزعران من أزلام الأجهزة، أو من المدعومين أو من المستقوين على الناس، ليعيثوا فسادا فيها ويحرموا المواطنين من التعبئة في نظام وأمان وإحترام.

كل أنواع الموبقات ترتكب على المحطات في طرابلس واللافت أن كثيرا ممن يجب أن يقوموا بالتنظيم والحماية يشاركون فيها وبشكل فاضح، حيث يصار الى كسر النظام والدور وتمرير السيارات المدعومة أو تلك التي تدفع ما بين خمسين الى مئة ألف ليرة، بينما يقوم البعض ببيع أدوارهم التي تصل أسعارها الى مئة وخمسين ألفا، فضلا عن تجارة الغالونات التي يصار الى تعبئتها رغما عن صاحب المحطة وتحت التهديد، وذلك في تحد واضح لقرارات السلطة بعدم تعبئة الغالونات.

ما يحصل في المحطات بطرابلس ينذر بالأسوأ وصولا الى إندلاع حرب شوارع في حال إستمرت الأمور على هذا المنوال، فبالأمس قتل شخص وجرح ثلاثة أشخاص على إحدى المحطات في التبانة، كما تكسرت العديد من السيارات بفعل الفوضى، وتدخلت العناية الإلهية في أبي سمراء لتنقذ المتجمهرين عند محطة “التاج” التي تعرضت لشتى أنواع التجاوزات والتهديدات من دون أي تدخل أمني، علما أن مخفر الدرك لا يبعد عنها سوى خمسين مترا، إضافة الى محطات أخرى في القبة والزاهرية والملولة والميناء والتي باتت تخضع بشكل كلي لسلطة التشبيح والكسب غير المشروع.

هذا الواقع المؤلم والمخيف والخطر في طرابلس، يدفع كثيرين الى التساؤل، عن دور الأجهزة الأمنية الغائبة عن السمع؟، وعن دور محافظ الشمال رمزي نهرا في فتح إجتماعات مجلس الأمن الفرعي لمواكبة ما يحصل؟، علما أن المجلس عقد إجتماعا قبل فترة بطلب من نواب طرابلس وقرر تشكيل قوات أمنية مشتركة من الجيش وقوى الأمن وأمن الدولة والأمن العام والشرطة البلدية، لضبط الأمن ومنع التفلت الحاصل في المحطات، إلا أن الأمر بقي على عاتق الجيش وحده، من دون مشاركة أي من الأجهزة الأخرى.. 

وبالرغم من مطالبة نواب المدينة بضرورة أن يكون إجتماع مجلس الأمن الفرعي دوريا للوقوف على الوضع الأمني في طرابلس وتنظيم عمل المحطات فيها، إلا أن محافظ الشمال رمزي نهرا لا يستجيب لهذا الأمر، كما أن الأجهزة الأمنية تتعمد الغياب، الأمر الذي يفسره البعض بأنه يدخل ضمن المؤامرة المستمرة على طرابلس وأهلها، خصوصا أن كثيرا من المناطق الأخرى تشهد تنظيما أمنيا محكما لعمل المحطات، وهذا يضع وزير الداخلية إبن طرابلس القاضي بسام مولوي أمام تحد جدي في مواجهة هذا الفلتان في مدينته.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal