مبادرات مساعدة لبنان نفطياً هل تخرجه من أزماته؟… عبد الكافي الصمد

ثلاث مبادرات ظهرت في توقيت متقارب من أجل مساعدة لبنان في تجاوز أزماته المتعلقة بالكهرباء والمحروقات التي جعلت البلد يغرق في عتمة طويلة، ويعاني نقصاً حادّاً في المحروقات، التي تسبّب شحّها في شلّ البلد من أقصاه إلى أقصاه.

ففي 24 حزيران الماضي وقّع لبنان مع العراق إتفاقية لشراء مليون طنّاً من الوقود الثقيل لتشغيل معامل إنتاج الكهرباء، تلاه إعلان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، في 19 آب الفائت، بدء تحرّك ناقلة نفط إيرانية، من ضمن مجموعة من النّاقلات، نحو لبنان لمساعدته في تجاوز أزمته، قبل أن تعلن السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، في اليوم التالي بعد كلام نصر الله، عن “سماح” واشنطن للبنان كي يتزوّد بالغاز من مصر والكهرباء من الأردن، بعد مرورهما في الأراضي السّورية، لسدّ النقص الكبير من حاجة لبنان إلى الكهرباء.

أسئلة كثيرة طُرحت حول أسباب هذه “الهجمة” المفاجئة على لبنان لمساعدته في تجاوز أزماته المتعلقة بالكهرباء والمحروقات، ولماذا الآن وليس قبل ذلك، كون الأزمة ليست مستجدة ولا آنية، خصوصاً أنّها أرهقت اللبنانيين وأنهكتهم، واستنزفت الخزينة العامة، من غير أن تسفر كلّ المعالجات السّابقة عن حلّ الأزمة، برغم صرف أكثر من 45 مليار دولار خلال العقود الثلاثة السّابقة.

ومع أنّ أغلب هذه الأسئلة وغيرها بقي بلا أجوبة واضحة عليها، إنّما بقي الكلام عنها في إطار التحليل والإستنتاج، فإنّ نقاطاً أخرى طرحت حول ما بعد هذه المبادرات تجاه لبنان، وكيف ستترجم على الأرض، من أبرزها:

أولاً: لم يصل النفط العراقي بعد إلى لبنان، برغم إعطاء المسؤولين في لبنان مواعيد مختلفة حول ذلك، ولا كيف سيصل، إلى أن أوضحت المديرية العامّة للنفط في وزارة الطاقة والمياه أمس أنّ موعد وصول الشحنة الأولى قد اقترب، لكنّه لن يصل مباشرة إلى لبنان، بل إنّ الشّركة الوطنية الإماراتية “ENOC”، التي فازت بالمناقصة، “تسلّمت الشحنة من العراق (84 ألف طنّاً)، وستستبدلها بشحنتين لزوم حاجة مؤسسة كهرباء لبنان، واحدة 30 ألف طناً من الفيول grade B، والثانية 33 ألف طناًّ من الغاز أويل، ثم تأتي بهما إلى لبنان في الأسبوع المقبل والذي يليه”.

ثانياً: لن تفرغ ناقلة النفط الإيرانية حمولتها في المرافىء اللبنانية، دفعاً لإحراج الدولة اللبنانية سياسياً ومنعاً لفرض عقوبات أميركية على لبنان، بعد حوّلت مسارها إلى مرفأ بانياس في سوريا، حيث ستفرغ حمولتها هناك، ومن ثم سيتم نقل البنزين والمازوت منها برّاً في صهاريج إلى لبنان، ستوزّع أولاً على المستشفيات والأفران.

ثالثاً: عقد أمس في العاصمة الأردنية عمّان لقاءً رباعياً ضمّ وزراء الطّاقة والنّفط في كلّ من الأردن ولبنان وسوريا ومصر، أو ما بات يُسمّى “دول خط الغاز العربي” الذي يربط من بين البلدان الأربعة، تم خلاله الإتفاق على إيصال الغاز الطبيعي المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا، وتقديم خطة عمل وجدول زمني لتنفيذ ذلك، إضافة إلى ربط شبكة الكهرباء الأردنية بشبكة الكهرباء اللبنانية عبر سوريا، سبق ذلك زيارة وفد وزاري لبناني إلى دمشق السبت الماضي، هو الأوّل من نوعه منذ 10 سنوات.

غير أنّ ما تم تداوله مؤخّراً، فإنّ وصول الغاز المصري إلى معمل دير عمار، وربط شبكة كهرباء الأردن بشبكة كهرباء لبنان تحتاج إلى أشهر وأموال، لإصلاح الأضرار التي لحقت بشبكة الكهرباء جنوب سوريا، ما يعني أنّ اللبنانيين لن ينعموا أبداً بخيرات الغاز المصري والكهرباء الأردنية قبل فصل الصيف المقبل، ولن يبقى أمامهم إلا النّفط العراقي الذي يؤمّن لهم نحو ثلث حاجتهم، والنفط الإيراني الذي سيصلهم عبر سوريا، بانتظار إنفراج لا يبدو قريباً.


مواضيع ذات صلة:


 

 

Post Author: SafirAlChamal