“الشرق المتخيَّل في الخطاب الغربي”.. كتاب جديد للدكتور جان جبور

عن دار جرّوس برس، صدر كتاب جديد للدكتور جان جبور بعنوان “الشرق المتخيَّل في الخطاب الغربي، دراسة تحليلية للنموذج الفرنسي”، وفيه يرصد تطور نظرة الغربيين الى الشرق من القرون الوسطى حتى نهاية القرن العشرين، عبر تحليل نماذج أدبية لكتّاب فرنسيين معروفين، وصولاً الى مطلع الألفية الثالثة ومفترق 11 أيلول/سبتمبر وتداعياته، وانتشار الإسلاموفوبيا. وهو يبيّن كيف أن معظم هؤلاء الأدباء عكسوا في نتاجهم المقولات الثابتة الراسخة في أذهان مواطنيهم والتي اتخذت شكل قوالب نمطية، فأتى “تمثيل” الشرق من خلال مفاهيم وصور لا علاقة لها بالواقع في أغلب الأحيان.  

يقول الدكتور جبور في مقدمة كتابه : “إن العلاقة بين الشرق والغرب تقلبت من حروب دينية ضد “الكفار” إلى انكفاء وسعي حثيث لإخضاع الشرق اقتصادياً وثقافياً، قبل أن تتبلور مجدداً مشاريع للسيطرة العسكرية ابتداء من مطلع القرن التاسع عشر، أعقبها في القرن العشرين لوحة شديدة التعقيد تواترت فيها الأحداث الاقتصادية والعسكرية، ليتم في وقت لاحق ربط الإرهاب بالإسلام، وتزدهر تجارة معاداة الإسلام، وتنتشر الصور النمطية التي رسّخت في الأذهان ما عُرف برُهاب الإسلام، أو الإسلاموفوبيا. في مختلف المراحل والظروف واكب المفكرون الغربيون هذه التقلبات وعبّروا عن هواجس وطموحات شعوبهم، إن في الرواية أو في المسرح أو في أدب الرحلة. واللافت في نتاجهم، هو هذا الخيط الذي يربط بين مختلف الأعمال عبر العصور، مما أتاح لنا استخلاص القوالب النمطية التي رسخت في الأذهان وشكّلت نوعاً من المقولات الثابتة تتردد بطرق متنوعة وفقاً للأحداث والمستجدات. فقد تحل مثلاً الإيديولوجيا الثورية مكان الإيديولوجيا الدينية، إنما الثابت في كل الأحوال هو هذه المشروعية التي منحها الغرب لنفسه للهيمنة على شعوب الشرق المصنّفة في خانة الضعف والجهل والتخلف. من هنا غالباً ما نرى هذا الخطاب يسقط في التعميم والتبسيط المبتسر فتتقدم التمثلات على الحقائق مفسحة في المجال أمام خلق جديد للآخر وإلى تكوين منظومة قيم تكرّس هيمنة حضارة تدّعي لنفسها المعرفة والتفوق”.

ويؤكّد الدكتور جبور أنه في هذه الدراسة ذات الموضوع الحسّاس لم يشأ إطلاق الأحكام أو كيل الاتهامات، بل توخّى الموضوعية والدقة وذلك بالعودة إلى النصوص الأصلية للكتّاب الذين تناولهم بالدرس. كذلك لم يشأ اللجوء إلى دراسة أعمال بعض الكتّاب المغمورين ممن تعج كتبهم بالصور والأفكار المشوِّهة لحقيقة الشرق -وهم كثر- لئلا يظهر جهده انتقائياً، وكأنه يسعى إلى تقديم البرهان على فكرة راسخة في أذهان الشرقيين. إلا أنه، بالرغم ما استخلصه من نظرة مضلِّلة ظهرت في أعمال الكتّاب الغربيين إزاء الشرق بفعل طغيان الموروث الثقافي والإيديولوجي على الفكر النقدي والموضوعي، يدعو المؤلّف في نهاية كتابه الى محاذرة الوقوع في فخ “الاستشراق المعكوس” أو التسليم بمقولة صراع الحضارات، وبأن “الشرق هو الشرق والغرب هو الغرب”، ذاك أن التحدي الحقيقي يكمن في الإيمان بتفاعل الثقافات وبدورها المشترك في قيام مجتمعات أكثر إنسانية.

 

د. جان جبور

*أستاذ في الجامعة اللبنانية، باحث ومترجم، له عدة مؤلفات، من بينها : “الشرق في مرآة الرسم الفرنسي”؛ “النظرة الى الآخر في الخطاب الغربي” ؛ “معجم المنجد الفرنسي-العربي الكبير”. كما له ثلاثون كتاباً مترجماً، تتناول في معظمها موضوع لقاء الحضارات والثقافات.

*رئيس تحرير مجلة “منارات ثقافية” للأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

*عضو في اتحاد المترجمين العرب وفي اتحاد الكتاب اللبنانيين

*حائز على جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في دورتها الثالثة لعام 2017

 


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal