رفع الدعم عن المازوت.. قنبلة موقوته تهدد السلم الأهلي!..

خاص ـ سفير الشمال

كان متوقعا أن يتخذ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة خطوة رفع الدعم عن المحروقات، للحفاظ على ما لديه من إحتياطي إلزامي عائد للمودعين اللبنانيين، وهذه الخطوة التي كان جميع من في السلطة يعلمون بها، جرى إستغلالها من قبل البعض إما لتصفية حسابات مع الحاكم عبر شعبوية باتت معروفة الأهداف، أو لرفع المسؤولية عبر الاعلان عن الصدمة والرفض لرفع الدعم.

يبدو واضحا أن عملية رفع الدعم باتت سارية المفعول وهي تحتاج الى تنظيم آلياتها فقط، فيما بلع المعترضون عليها ألسنتهم بعدما إكتشف اللبنانيون أنهم كانوا على دراية بها، إن لم يكونوا شركاء فيها، حتى أن مطالبة الحاكم سلامة بالحصول على تشريع من مجلس النواب للمسّ مجددا بالاحتياطي الالزامي لتمويل الدعم هو أمر غير قانوني، حيث لا يملك مجلس النواب أن يشرّع سرقة أموال المودعين لدعم مواد أساسية في البلاد، إنما يستطيع أن يشرع صرف أموال تعود الى الدولة اللبنانية لأسباب مختلفة.

ربما يهضم اللبنانيون رفع الدعم عن البنزين لتصل الصفيحة الى سعر خيالي (نحو 300 ألف حسب سعر صرف الدولار) خصوصا أن وسائل النقل عديدة من السيارات الخصوصية التي لن تتحرك إلا في حال إمتلك أصحابها ثمن ملء خزانها بالبنزين، الى سيارات الاجرة التي من المفترض أن تلتزم بتعرفة رسمية، فالباصات الصغيرة والمتوسطة، وصولا الى الدراجات النارية والدراجات الهوائية التي سوف تزدهر أكثر مما هي عليه الآن..

لكن ما لم يستطع اللبنانيون تحمله وربما يشكل قنبلة موقوته قد تنفجر وتطيح بالسلطة وتؤسس لتوترات أمنية في أي وقت، هو رفع الدعم بهذا الشكل عن مادة المازوت ليرتفع سعرها من 57 ألف ليرة لبنانية الى 250 ألف ليرة لبنانية.

هذا الارتفاع من شأنه أن يحوّل البلاد الى جحيم وأن يطيح بالبطاقة التمويلية التي تصبح لزوم ما لا يلزم أمام حجم الغلاء الذي سيطال أكثرية السلع وفي مقدمتها الخبز، فضلا عن أمور غير منظورة، تتعلق بمولدات الكهرباء البديلة والتي سيؤدي رفع الدعم الى إفلاس أصحابها وإقفال شركاتهم.

في عملية حسابية بسيطة، فإن إرتفاع سعر صفيحة المازوت قد رفع تعرفة الاشتراكات مؤخرا الى ما بين 500 الى 700 ألف لكل خمسة أمبير، وبالتالي فإن وصول سعر المازوت الى 250 ألف ليرة للصفيحة الواحدة سيرفع هذه التعرفة لتصبح على الأقل وكحد أدنى مليون وخمسمئة مليون ليرة لكل خمسة أمبير أو ثلاثة ملايين ليرة لكل عشرة أمبير.

تشير الاحصاءات الى أن السواد الأعظم من اللبنانيين يبلغ متوسط دخلهم الشهري نحو أربعة ملايين ليرة، وهم بالتالي لن يكونوا قادرين في ظل الغلاء الهستيري على دفع مليون ونصف المليون ليرة للحصول على خمسة أمبير أي ما يعادل 35 بالمئة من دخلهم، وهذا يعني أن نحو 75 بالمئة من اللبنانيين سيقطعون الاشتراك لتوفير هذا المبلغ من أجل مستلزمات أخرى، وبما أن التيار الكهربائي الرسمي يقتصر على ساعتين فقط في الـ24 ساعة، فإن العتمة الشاملة ستفرض نفسها على كل المناطق وخصوصا الشعبية منها.

وإذا كانت هذه المناطق في كل لبنان تتحرك اليوم إحتجاجا على التقنين في الكهرباء البديلة بسبب فقدان مادة المازوت، فتقطع الطرقات وتقتحم المعامل وتواجه القوى الأمنية والعسكرية، فإن إنقطاع كهرباء المولدات بشكل كامل بسبب رفع التعرفة، سيخرج الناس عن طورها وسيجعل البلاد عرضة لكل أنواع المخاطر خلال الليل من سطو مسلح وسرقة سيارات وإعتداءات فضلا عن إحتجاجات وتوترات تحت جنح الظلام قد تؤدي الى ما لا يحمد عقباه.

وفي هذا الاطار لا يمكن القفز فوق حاجة المواطنين الى مادة المازوت خلال فصل الشتاء لا سيما في المناطق الجبلية المرتفعة للتدفئة، وكذلك فإن غيابها سيؤدي الى ثورة شعبية غير محسوبة النتائج.

أمام هذا الواقع، يؤكد متابعون أن الدولة يجب أن تعمل على تنظيم القطاعات الأساسية العاملة على المازوت وخصوصا الاشتراكات الكهربائية التي يمكن أن تقدم لهم ما يحتاجونه من هذه المادة الحيوية بالسعر المدعوم على أن تتحكم عبر وزارة الطاقة بالتعرفة التي تتناسب مع مداخيل أكثرية الشعب اللبناني، وإلا فإن الأمور ستتفلت من عقالها خصوصا أن بلدا تجتاحه العتمة الشاملة لا يمكن أن ينعم بالأمن والاستقرار..


مواضيع ذات صلة:


 

 

Post Author: SafirAlChamal