نكبتا آب في المرفأ والتليل: سلطة لا تتعلم ولا تتعظ… عبد الكافي الصمد

لم يتعلم أحد من درس إنفجار مرفأ بيروت قبل سنة وبضعة أيّام من اليوم. ففي الرّابع من شهر آب العام الماضي دمّر الإنفجار الهائل مرفأ العاصمة ومحيطه، وأسقط 200 ضحية ومئات الجرحى، وترك وراءه دماراً هائلاً ما يزال ماثلاً أمام أعين الموطنين والعالم، من غير أن تفكر السلطة ولو للحظة في رفعه والتخفيف عن كاهل المواطنين المنكوبين، أو أن تتحمّل مسؤولياتها تجاه كارثة بهذا الحجم.

بعد عام على تلك الكارثة الوطنية أصيبت البلاد بكارثة مماثلة وقعت فجر أمس في بلدة التليل في عكّار، لا تقل تداعيات وخطورة، لم تكن فقط مجرد إنفجار خزّان بنزين سقط ضحيته عشرات المواطنين الأبرياء، بل شكّل إضافة ودليلاً آخراً على فشل السلطة في لبنان، وأنّ وجودها أصبح عبئاً على نفسها وعلى لبنان واللبنانيين معاً.

بعد ستة أيّام من إنفجار مرفأ بيروت، وتحت تداعيات الحراك الغاضب في الشّارع، أعلنت حكومة الرئيس حسّان دياب إستقالتها، من غير أن تتمكن السلطة المنقسمة على نفسها والمشغولة بمصالحها الضيقة من تأليف حكومة جديدة، برغم تكليف 3 شخصيات لهذه المهمّة، ما طرح أسئلة حول مآل الأمور والتطورات في البلاد بعد انفجار التليل 15 آب 2021، وهل أنّ الأمور ستشهد إنفراجاً، أم أنّ الإحتقان الشّعبي واستمرار إنقسام أهل السلطة سيزيد الأمور سوءاً، وسيؤدّي إلى انفجار أكبر؟

وكان لافتاً أنّ الفجور السّياسي الذي كشف عن وجهه البشع بعد انفجار مرفأ بيروت قبل عام لجهة تقاذف أهل السلطة مسؤولية ما حصل ورميها التهم على بعضها، عوض الإلتفات إلى معاناة المواطنين الذين نكبوا في أرواحهم وبيوتهم وأرزاقهم، تكرّر بشكل ممجوج بعد ساعات قليلة من إنفجار التليل، حيث بدأوا رمي التهم على بعضهم البعض فوق جثث المواطنين المحروقة، والجرحى، والعائلات المنكوبة، وتاجروا بالكارثة في زواريب سياسية ضيقة، وتحريض سياسي رخيص، في منطقة تعتبر من أكبر مناطق لبنان حرماناً وتهميشاً من قبل أهل السلطة منذ ولادة دولة لبنان الكبير قبل أكثر من 100 عام وحتى اليوم.

أركان هذه السّلطة الذين تحالفوا إنتخابياً قبل 3 سنوات، في عكّار تحديداً، تركوا بعدها المنطقة لقدرها البائس، وجعلها تدفع غالياً ثمن تحالف سياسي ـ إنتخابي هجين أتى على حساب أهلها ومصالحهم ومعيشتهم، وكان كلّ ما فعلوه بحقّ عكّار أن جعلوا منها ساحة لمغانمهم تقاسموا فيها “كعكة” التهريب، وسوقاً سوداء لمصالحهم، على حساب مواطنين فقراء ومعدمين ومحرومين ومنسيين، حوّلوا أحلامهم البسيطة في العيش بكرامة، وتأمين لقمة العيش بلا ذلّ وهوان يومي، إلى فاجعة وأيّام سوداء.

وزاد الفجور السّياسي لأهل السلطة وقاحة أنّهم نفضوا أيديهم من مسؤولياتهم، وكأنّ الأمر لا يعنيهم، في حين كانت دول في المنطقة مثل مصر والأردن وتركيا وغيرها تعلن عن إرسال وفود طبّية إلى لبنان لمداوة المصابين، أو نقلهم إذا لزم الأمر إلى مستشفيات هذه الدول للمعالجة.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal