الحريري أعطى عون ″العصفور وخيطه″!… غسان ريفي

قدم الرئيس المكلف سعد الحريري والدول المعنية بالملف الحكومي ″العصفور وخيطه″ الى رئيس الجمهورية ميشال عون لكي يوافق على توقيع مراسيم الحكومة التي تسلم تشكيلتها (24 وزيرا) من الحريري العائد من مصر، تمهيدا لدرسها وإعطاء رأي فيها خلال 24 ساعة وفقا لتمنيات الرئيس المكلف الذي من المفترض أن يبني على الشيء مقتضاه.

لم يعد يوجد أي مبرر مقنع لأن يرفض الرئيس ميشال عون ومن ورائه صهره جبران باسيل التشكيلة الحكومية التي قدمها الحريري، فهو إعتمد صيغة 24 وزيرا لاعطاء حقيبة لكل وزير بحسب رغبة فريق العهد، وقدم صيغة متوازنة أبقى فيها التوزيع الطائفي للوزارات السيادية على حاله مستعيدا وزارة الداخلية مرشِحا لها رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي العميد خالد حمود الذي لا يختلف أحد من التيارات السياسية وكذلك رئيس الجمهورية على دوره ومناقبيته وكفاءته، كما إختار شخصيات مقربة جدا من التيار الوطني الحر، وقدّم الاختصاص على ما عداه..

وترافقت محاولة الحريري إرضاء فريق العهد من دون تنازل، مع سلسلة عوامل من شأنها أن تشكل رافعة لتشكيل الحكومة، لجهة:

أولا: الضغط الذي جاء فيه الموفد الفرنسي باتريك دوريل حاملا معه العقوبات بحق كل يثبت تعطيله تشكيل الحكومة، وإعلان مفوض الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل عن التوافق على فرض هذه العقوبات.

ثانيا: الدعم الفرنسي ـ الروسي غير المسبوق لتشكيل الحكومة.

ثالثا: إعلان فرنسا عن تنظيم مؤتمر دولي يعقد مطلع الشهر المقبل لدعم لبنان، فإما أن يكون هناك حكومة تتلقف نتائجه أو يدار عبر وصاية دولية تحت المسميات الانسانية والاجتماعية والصحية.

رابعا: إعادة لبنان الى الحضن العربي من بوابة القاهرة، حيث أعلنت الرئاسة المصرية بعد لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي الرئيس سعد الحريري عن تنظيم مؤتمر إقتصادي عربي لدعم لبنان.

خامسا: نجاح المساعي الأميركية والفرنسية في تحييد السعودية تحت قاعدة: “لا عرقلة ولا تسهيل أو دعم”.

سادسا: الزيارات المتلاحقة أمس الى قصر بعبدا، بدءا بالموفد الفرنسي باتريك دوريل، مرورا بالسفير البابوي في لبنان المونسنيور جوزف سبيتري الذي نقل الى الرئيس عون تمنيات البابا فرنسيس بتشكيل حكومة، وصولا الى موفد صندوق النقد الدولي الذي أعلن عن إعطاء لبنان مبلغ 860 مليون دولار.

كل ذلك، من شأنه أن يشكل عامل ضغط كبير على الرئيس عون وعلى صهره باسيل للقبول بالتشكيلة التي قدمها الحريري وتوقيع مراسيمها، وبالتالي فإن رفضها سيظهر بوضوح من هو المعطل الأساسي لتشكيل الحكومة، فهل يسلف عون وباسيل الفرنسيين والروس والمصريين، فيصح كلام المعاون السياسي للسيد حسن نصرالله الحاج حسين خليل بأن عرقلة تسعة أشهر تُحل بساعة وتُبصر الحكومة النور؟.

تشير المعطيات الى بوادر إيجابية تم رصدها بعد تقديم الحريري لتشكيلته الحكومة، أولا البيان الذي صدر عن رئاسة الجمهورية وأكد أن التشكلية ستكون موضع بحث، وذلك خلافا للمرات السابقة التي كان يعبر البيان الرئاسي عن رفض الرئيس عون للتشكيلة وعن فشل الاجتماع، وثانيا حرص عون على إلقاء التحية على الاعلاميين ليقول لهم “إن شاء الله خير” ويضيف ممازحا “الحريري بيؤمر”.

وفي الوقت الذي لم يجد فيه فريق العهد أي ثغرة في كل ما حصل أمس سوى أن الحريري أعطى رئيس الجمهورية مهلة 24 ساعة ليرد جوابا عليه بشأن التشكيلة وهذا أمر إستفزازي وغير مقبول، سارع البعض الى بث أجواء تشاؤمية بأن لا حكومة في الأفق وأن الحريري سيعتذر.. فهل يعمل عون وباسيل على تعويم العهد بأن تبصر الحكومة النور اليوم، أم تصدق التوقعات التشاؤمية ويذهبان بعيدا في المواجهة فيعزلان لبنان دوليا وعربيا ويقودان اللبنانيين الى جهنم وعندها ليت ساعة مندم.  


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal