ماذا لو وافق الحريري على إعطاء عون ″الثلث المعطل″… غسان ريفي

كل المعطيات تشير الى أنه في حال وافق الرئيس سعد الحريري على إعطاء ″الثلث المعطل″ الى فريق رئيس الجمهورية ميشال عون بقيادة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل فإن الحكومة تبصر النور فورا من دون أية شروط أو عراقيل، ويسارع باسيل الى منحها الثقة في مجلس النواب متجاوزا كل ″العراضات″ السياسية التي قام بها خلال الأشهر الماضية، والشعارات التي أطلقها والتي تصب كلها في سبيل تحقيق هدف ″الثلث المعطل″.

إذا، وبحسب تلك المعطيات، فإن الأزمة ليست في إنعدام الثقة بين عون والحريري، وليست في شكل الحكومة، أو في تسمية الوزيرين المسيحيين أو في حصة رئيس الجمهورية أو في مشاركة تياره السياسي أو عدمه، بل الأمر يرتبط إرتباطا مباشرا بـ”الثلث المعطل” الذي يُبقي باسيل على قيد الحياة سياسيا، خصوصا إذا ما تعذر إجراء الانتخابات النيابية في أيار من العام 2022، عندها يستقيل “الثلث الباسيلي” من الحكومة ويحولها الى تصريف أعمال، ما يفتح الباب أمام بقاء رئيس الجمهورية في قصر بعبدا بعد إنتهاء ولايته للأسباب القاهرة، في عملية تمديد مقنعة، تمهد لايصال باسيل الى رئاسة الجمهورية.

لا يختلف إثنان على أن ميشال عون لم يعد لديه معركة شخصية، خصوصا بعد السقوط المدوي لعهده، والفشل الذي يُترجم أزمات إجتماعية وإقتصادية ومالية وصحية وإنسانية تهدد وجود الكيان اللبناني، بل هو يخوض اليوم معركة جبران باسيل التي أول أهدافها حصوله على “الثلث المعطل” في الحكومة الحريرية أو في أية حكومة أخرى.

لذلك، فإن إعتذار الرئيس الحريري في هذا الوضع يصبح لزوم ما لا يلزم، خصوصا أنه في حال تم الاتفاق على أن يسمي شخصية سنية يصار الى تكليفها برئاسة الحكومة فإن الأمور لن تتبدل وسيبقى الرئيس المكلف الجديد على موقف من سمّاه، لجهة رفض منح أي طرف سياسي “الثلث المعطل” بمفرده، أو القبول بأن يصادر رئيس الجمهورية صلاحياته بعدم السماح له في تسمية وزراء مسيحيين، وهذا يعني أن ما واجهه الحريري سيواجهه خلفه بنفس الاسلوب، خصوصا أن سقفا رسمه رؤساء الحكومات السابقين بهذا الخصوص لم يعد أحد قادرا على تجاوزه.

أما في حال رفض الحريري تسمية أي كان، فإن الرئيس المكلف الجديد لن يستطيع القفز فوق السقف المرسوم والذي أصبح بمثابة ثوابت، وهو في حال أعطى رئيس الجمهورية “الثلث المعطل” أو تخلى عن صلاحياته في تسمية الوزراء المسيحيين، فإنه حتما سيواجه الشارع السني الغاضب والذي سيسعى الى إسقاطه، كما سيفتقد الغطاءين السياسي الذي يوفره رؤساء الحكومات والديني الذي يوفره دار الفتوى، ما سيعيد تجربة الرئيس حسان دياب لكن بشكل أسوأ، وهذا الأمر يرفضه الرئيس نبيه بري وحزب الله لأنهما لا يريدان في موقع الرئاسة الثالثة رئيسا مسلوخا عن طائفته.

وفي هذا الاطار، قد يتجه أركان الطائفة الى مزيد من التصعيد بإعلان مقاطعة أية إستشارات نيابية يجريها الرئيس عون، رفضا لمحاولات إستهداف الموقع السني الأول ومصادرة صلاحياته وضرب إتفاق الطائف، ما سيؤدي الى أزمة ميثاقية في لبنان تضاف الى أزمة الحكم التي بدأت تلوح في الأفق.

تقول مصادر مواكبة: على الرئيس عون وباسيل وفريق المستشارين أن يتعاملوا بواقعية سياسية مع الواقع القائم، وأن يعلموا تماما أن ما لم يعطه الحريري لهم لن تستطيع أي شخصية سنية إعطاءهم إياه، وهذا ما يضع البلاد أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما التعامل بإيجابية مع الوساطات التي من النفترض أن تنشط مع عودة الحريري الى بيروت والتفتيش عن قواسم مشتركة تفضي الى توافق يثمر عن حكومة إنقاذ، أو إبقاء لبنان من دون حكومة الى أجل غير مسمى!.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal