الرابطة الثقافية تفتتح معرض الكتاب الـ47.. الفري: مستمرون بالمقاومة الثقافية

افتتحت الرابطة الثقافية في طرابلس معرض الكتاب السابع والاربعين بحضور الاستاذ مقبل ملك ممثلا الرئيس نجيب ميقاتي، الاستاذ ماهر شعراني ممثلا الوزير السابق فيصل كرامي، مدير عام وزارة الثقافة الدكتور علي الصمد، وشخصيات سياسية وإجتماعية وإقتصادية وثقافية وأكاديمية وحشد من المهتمين.

النشيد الوطني اللبناني بداية، فترحيب من الأستاذة رفيف دندشي، ثم ألقى رئيس الرابطة الثقافية الصحافي د. رامز الفري كلمة قال فيها:  يعيش لبنان اليوم وضعًا استثنائيًا صعبًا على كافة الصعد السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فوضعنا اليوم وفي هذه المرحلة بالذات هو بأمس الحاجة إلى خطة اقتصادية ومالية وثقافية وتربوية شاملة.

تؤمن حقوق الإنسان اللبناني، ترسخ الديمقراطية والحريات العامة فيه على أسس ثابتة، وتساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية الحقيقية، ومن هذا المنطلق فإن الرابطة الثقافية تؤكد أنها في موقع الالتزام بمواجهة كل الأخطار الداخلية والخارجية التي تهدد وحدة الدولة اللبنانية واستقلالها وسيادتها ومن موقع الفهم العميق لترابط المصالح اللبنانية مع البيئة العربية، فإنها تذكر بأن الميثاق الوطني الذي قامت عليه دولتنا، يحتم احترام السيادة والخصوصية اللبنانية المهددة حاليًا بعدة أخطار جغرافية وديمقراطية واقتصادية وتربوية وثقافية وسياسية وأمنية.

وأضاف: لقد أكدت الرابطة الثقافية دومًا على وحدة العيش المشترك بين اللبنانيين وعلى أهمية الحوار كسبيل وحيد لحل النزاعات والخلافات والوصول إلى قواسم مشتركة بين الأطياف اللبنانية كافة، وبتقديرنا إن هذا الحوار يجب أن لا يتم بين مثقفين فحسب، بقدر ما يجب أن يكون إرادة عامة مشتركة بين مجموع المواطنين اللبنانيين في العمل لبناء مجتمع راسخ البنيان يواجه تحديات المستقبل من خلال مؤسسات متنوعة تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والحرية، والسلام القائم على القرارات والمواثيق الدولية العادلة، وتنقل شعبنا إلى آفاق الحداثة، ولقد كان العمل الثقافي وسيلة أساسية لرابطتنا في خدمة هذا التوجه.

وتابع: يطرح  البعض تساؤلات تتعلق بمبررات استمرار معرض الكتاب السنوي في طرابلس، وما مدى الاهتمام الحالي بالكتاب والثقافة، خاصة أنها لا تشكل أولوية في ظل الأوضاع المتردية والتي تعصف بالبلاد على كافة الصعد ومن كل حدب وصوب.

ولكن ردنا على هذه التساؤلات ينطلق من عدة نقاط:

أولاً: إن معرضنا هذا ليس مساحة تجارية لبيع الكتاب فحسب، إنه مساحة ثقافية عمرها سبعة وأربعون عامًا تتخللها مجموعة من الأنشطة التي لا تقل أهمية عن عملية بيع الكتاب.

ثانيًا: أنه من الواجب علينا كمؤسسات ثقافية في هذا الوطن أن نناضل ونحارب وتقاوم بالأساليب التي نخبرها وبالإمكانيات التي نملكها رغم تواضعها الشديد ورغم الغياب التام لأي دعم من أي جهة رسمية أو غير رسمية.

ثالثًا: إننا نعتبر أنه من الضروري أن نتحرك لإعادة فسحة الأمل إلى أهلنا المناضلين في هذه المدينة العظيمة ولكي نثبت يومًا بعد يوم بأن طرابلس هي بالفعل مدينة العلم والعلماء رغم كل المحاولات اليائسة لتشويه صورتها بين الحين والآخر.

رابعًا: إن تحركنا الثقافي هذا يساعد على تحريك العجلة الاقتصادية في المدينة عن طريق تشغيل بعض القطاعات الاقتصادية والتجارية ولو بشكل موسمي ومؤقت.

خامسًا: إن معرض الكتاب السنوي هو إطار تفاعل يجمع كل القوى الثقافية والمدنية في مجتمعنا وهو مناسبة يتناول فيها الجميع الآراء وهموم الوطن والمواطنين كما يشكل نقطة تلاقي بين جيل الشباب من الطلاب الجامعيين والتلامذة وبين المؤلفين والكتّاب لتناول المستجدات ونقل شعلة الثقافة من جيل إلى جيل.

وقال الفري: إن معرضنا هذا أكد هويته الثقافية والوطنية خلال الحرب المدمرة التي فرضت على شعبنا، وأثبت التزامه بثقافة قيم الحرية والعدالة والسلام والاستقلال لمواجهة ثقافة الحرب والتبعية والتشرذم والاستبداد، هذا هو تراث معرضنا، وهذا هو وسامه الذي حمله وما زال مصرًا على حمله في مختلف الظروف والعقبات والعراقيل. في هذه التظاهرة الثقافية الكبيرة نؤكد مطالبنا مجددًا بحكومة مستقلة توازن جميع الفئات والتيارات وتأخذ بعين الاعتبار هواجس الجميع، فلا يميل الميزان لفريق على حساب آخر، وتؤخذ فيها القرارات المصيرية بالإجماع، وتعمل لورشة إصلاح شامل على الصعد كافة, كما نطالب بإطلاق نقاش مسؤول يعكف على معالجة مشاكل الوطن والمواطن، ونحذر جميع اللبنانيين من اللجوء إلى العنف، وندعوهم إلى أن يفكوا تحالفاتهم الإقليمية والدولية لحساب تحالف داخلي وطني هو وحده القادر أن يقوي الدولة اللبنانية ويعمل لمصلحتها.

وألقى مدير عام وزارة الثقافة الدكتور علي الصمد كلمة قال فيها: كأننا بمسيرة تحد لا تنتهي فصولها مع الصديق العزيز رامز الفري، القيّم الأول على هذا الصرح الثقافي العريق. فها هو للسنة الثانية على التوالي يتحدى الظروف الاستثنائية، بل الأزمة الوجودية المصيرية التي تعصف بلبنان منذ سنتين، ويواجه شجاعة جانحة كورونا- وقد خفّ خطرها- فيعلن على الملء بأن الثقافة هي وجه من وجوه المقاومة، وليكون معرض الكتاب 47 ملء المشهد الثقافي: طرابلسيًا وشماليًا، وعلى المستوى اللبناني. واضاف لا أحد ينكر ما يعانيه المواطن، على جميع الصعد: من أزمة المحروقات، إلى أزمة الدواء، إلى أزمة الكهرباء، … ولربما كان الآتي أعظم! ولكن يبقى السؤال: هل نرفع الرايات البيض ونستسلم لقدرنا، ونترك ثقافة الموت تنتصر على ثقافة الحياة؟!

قد يقول قائل: أين أنتم أيها المحتفون بهذا المعرض من أوجاع طرابلس وآلامها؟ وهل يكون الكتاب بديلاً عن الرغيف وعن حبة الدواء، وسوى ذلك من حاجيات حياتية، أحالتنا إلى كائنات بيولوجية، تنازع للبقاء على قيد الحياة؟ قد يكون في هذا القول، كثير من الصحة ولكن ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان!

إن مواجهة الوضع الراهن المأزوم، والمفتوح على احتمالات شديدة السوء، لن تكون إلا بسلوك سبيل الفكر، وسلاح الفكر، وسلاح الموقف والكلمة الحرة المدويّة… هي أسلحة لطالما انتهجتها الشعوب للعبور إلى شاطىْ الأمان، وإلى مجتمع معافى. ولعل هذه الفعالية الفكرية والثقافية اليوم، إلى مثيلتها، هي بمنزلة إعلان حرب على الحالة المتردية التي وصلنا إليها.

إننا في وزارة الثقافة، إذ نرعى هذه التظاهرة الثقافية، فمن منطلق تبنينا الكل حراك ثقافي وفكري، وعلى قاعدة إيماننا بما للثقافة- وعدتها الكتاب- من دور فاعل في عملية التغيير إلى وضع أفضل.

Post Author: SafirAlChamal