دولة الرئيس.. الساكت عن الحق شيطان أخرس!… مرسال الترس

شكّل وصول الاستاذ الجامعي الدكتور حسّان دياب إلى موقع رئاسة الحكومة (الموقع المتقدم للسلطة التنفيذية في لبنان)، إشكالية كبيرة في تحليل شخصية الرجل، ومروحة واسعة من المواقف المتناقضة تجاه أدائه الملتبس. فهل فعلاً هو متخاذل ويخاف من خياله؟ ولذلك أعلن إنسحابه عند أول مواجهة جدية مع من يمسكون بزمام الدولة العميقة في هذه الدولة الغارقة في الطائفية والمذهبية منذ وضعت خرائطها قبل قرن من الزمن. أم أنه يخطط للبقاء على الساحة السياسية؟ ولذلك إنشرح كثيراً عند رضى الرئيس سعد الحريري عليه والقيام بزيارته، وسارع للصعود إلى بوسطة نادي رؤوساء الحكومات السابقين!

برغم أهمية ودقة المرحلة التي ولج بها الرئيس دياب الباب العريض للسراي الحكومي، بعد إدبار الرئيس سعد الحريري، إثر الحراك الشعبي الذي إنطلق في السابع عشر من تشرين الأول عام 2019، وإنكفاء السفير مصطفى دياب متهيباً ولوج المعترك. ظنّ معظم اللبنانيين أن الاستاذ الجامعي سيشيل “الزير من البير”، متكئاً على خلو إضبارته في العمل العام من الفساد الفاضح، ولإدائه الجامعي الناجح الذي أوصله إلى مرتبة نائب رئيس الجامعة الأميركية إحدى أعرق الجامعات في لبنان. ولكن المياه غالباً ما تكذّب الغطاس:

عندما اضطر لمواجهة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لم يستطع أن يستكمل المعركة، وسلّم سلاحه عندما لمس أن “الحاكم بأمره”  يملك زمام الأمور في امبراطوريته. ولم يشأ أن يسير بإتخاذ خطوات فعالة يرسم بها حدود السلطة التنفيذية الحاسمة بما أتاح له دستور الطائف من سلطات. وعندما وصلت الأمور بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى أفق التحدي، أدار ظهره وقدم إستقالته برغم مما كان يلوح في الأفق من أزمات ستساهم في إنهيار لبنان!

وعندما أزاحت مرجعيات مذهبه وجهها عنه لدى تسلمه مهامه، ظن معظم المواطنين أنه سيعمد لإتخاذ خطوات تنفيذية حاسمة تثبت للجميع شخصيته المقدامة على خلفية قبوله بالمهمة المستحيلة، ولكن تسلسل الأحداث جعل المنتظرين يرسمون علامات استفهام عديدة حول تردده في ما يجب إتخاذه من قرارات يكون مسؤولاً عنها مهما تبدلت الظروف والمعطيات!     

في الأيام الماضية غرّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط مستغرباً الغياب الكامل لاي قرار فاعل من قبل الحكومة المستقيلة. وتزامن ذلك مع إصدار المكتب الاعلامي في رئاسة الحكومة بياناً إستغرب فيه أن تنقلب المعايير، وأن تتغير المفاهيم، وأن تطمس الحقائق. وقال:”لن نسكت عن التزوير الذي يحاول رمي المسؤوليات، وتحميل هذه الحكومة عبء الممارسات السياسية والكيدية والشخصية والميليشياوية”.

في حين كان معظم المواطنين يرددون العبارة الشهيرة “الساكت عن الحق شيطان أخرس”، وبمعنى أن ليس أمامه سوى خيار واحد، إما أن يفضح الأمور امام الرأي العام بالتفاصيل والأسماء. والاَ فان التاريخ سيكتب أنه كان مسؤولاً تنفيذياً عن هذه المرحلة رغب بذلك ام لم يرغب!..


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal