عون ـ باسيل والحريري: حرب إلغاء لا تعايش… عبد الكافي الصمد

لا يبدو أن طرفي النّزاع الرئيسيين في الأزمة الحكومية، رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره رئيس التيّار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل من جهة ورئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري من جهة أخرى، يرغبان بشكل أو بآخر في التوصّل إلى حلّ لإخراج ملف الحكومة العالق من عنق الزجاجة.

هذه الرغبة المشتركة لدى الطرفين تأكّدت بشكل تراكمي منذ تكليف الحريري تأليف الحكومة في 22 تشرين الأول من العام الماضي وصولاً إلى اليوم، فكلما طرح أحدهما مخرجاً للحلّ إعترض عليه الآخر، وإذا ما طرحت أيّ جهة خارجية مبادرة ما للحلّ في لبنان، كالمبادرة الفرنسية على سبيل المثال، فإنّها لا تلبث إلا أن تغرق في التفاصيل والشروط والشروط المضادة التي يضعها هذا الطرف أو ذاك.

يوماً بعد آخر تبين أنّ التعايش بين الطرفين، عون ـ باسيل والحريري، في ما تبقى من العهد يبدو صعباً للغاية، وأنّ أحدهما غير راغب في إبداء أي تعاون مع الآخر ولو من أجل مصلحة لبنان العليا، وإيقاف مسلسل الإنهيار، لا بل إنّ أحدهما يبدو وكأنّه يعمل بلا هوادة ولا كلل ولا ملل لإلغاء الآخر، وشطبه من المعادلة السياسية، وتحجيمه على أقل تقدير، برغم أنّ الطرفين وغيرهما يعلمون جيداً أن أحداً لا يستطيع إلغاء أحد في لبنان، وهو ما أثبتته كلّ التجارب السّابقة، بما فيها تجربة الحرب الأهلية المريرة، لكن أحداً لا يبدو أنّه تعلم من دروس الماضي جيداً، أو أنّه لا يريد أن يتعلم.

فبعد العقد التي أخّرت تأليف الحكومة، وجرى تجاوزها، من عددها هل سيكون 18 أم 20 أم 24، ومن هم أعضاؤها، هل هم إختصاصيون أم سياسيون أم مختلطة، وما هي حصّة الأفرقاء فيها، ومن سيسمي الوزراء، وقف تشكيل الحكومة عند عقدة وزيرين مسيحيين إختلف طرفا النزاع حول من سيسميهما، فالحريري إشترط أن يسميهما هو، بينما فريق عون ـ باسيل تمسك بأنّ تكون التسمية من حقّه.

وسط هذه المراوحة طرح بعض الأطراف مخرجاً للحل، يتمثل في أن يسمي رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي إسم وزير مسيحي بالتنسيق مع الحريري، وأنّ يسمي حزب الله الوزير المسيحي الآخر بالتفاهم مع عون ـ باسيل، كون برّي والحريري متفاهمان وعون ـ باسيل وحزب الله حليفان، لكنّ هذا الطرح أيضاً قوبل بالرفض، ما دفع أكثر من طرف إلى التوقف عن تقريب وجهات النظر، أو طرح أي مبادرات جديدة للحلّ، بعدما وصل الجميع إلى اقتناع بأنّ معجزة ما باتت وحدها القادرة على إخراج تشكيلة الحكومة إلى النور، في زمن لا وجود للمعجزات فيه، وأنّ حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة حسّان دياب ستعيش زمناً لعله سيكون الأطول لها في تاريخ حكومات لبنان، وقد يمتد ذلك إلى نهاية عهد عون الرئاسي.

لكنّ السؤال هل يستطيع لبنان تحمّل نتائج هذا الفراغ والشللّ الحكومي، ومن سيوقف الإنهيار المستمر للأوضاع في البلاد على كلّ الصعد، ومن يتحمّل النتائج؟..

    


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal