لا حكومة ولا من يحزنون… غسان ريفي

تتساقط المبادرات الدولية والمحلية لتشكيل الحكومة تباعا، ويسقط معها لبنان الى قعر الهاوية، بانتظار ″الارتطام الكبير″ الذي بات ″قاب قوسين أو أدنى″.

الأمور كلها خرجت عن السيطرة، فلا حكومة ولا من يحزنون.. ولا توافق ولا تفاهم ولا تنازلات ولا تدوير زوايا ولا وساطات، بل إشتباك سياسي من العيار الثقيل يترجم قصفا كلاميا ببيانات تلهب عباراتها جبهات قصر بعبدا ـ بيت الوسط، وبيت الوسط ـ ميرنا الشالوحي، فترفع المتاريس وتقطع الطريق على أي تفاهم أو إتصال أو لقاء يمكن أن يؤدي الى أية إيجابيات.

حتى البطريرك الماروني بشارة الراعي رفع العشرة وهو قبل أن يتحرك موكبه من بكركي باتجاه قصر بعبدا عله يتمكن من إنقاذ ما يمكن إنقاذه، سبقته صليات من البيانات بين تيار المستقبل ورئاسة الجمهورية أربكته وحالت دون إتمام مهمته، فخرج يتحسر على عهد فؤاد شهاب وحكومة الأقطاب التي بنت البلد، وينتقد الخطاب السياسي المتدني المعتمد بين الأطراف، غامزا من قناة تيار المستقبل حول بيانه الذي تضمن عبارات لا تليق بحسب البطريرك بآداب التخاطب السياسي.

كل المعطيات تشير الى أن تشكيل الحكومة في ظل هذه الأجواء بات من المستحيلات، فالرئيس ميشال عون لا يريد الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة وهو ما يزال يصر على موقفه الذي بدأ واضحا عشية الاستشارات النيابية الملزمة التي أفضت الى تسميته وكل ما يحصل حتى اليوم في قصر بعبدا يصب في هذا الاتجاه.

وجبران باسيل المهيمن على قرار عون يصب الزيت على نار الخلافات الرئاسية كلما جرت محاولات لاخمادها، وذلك إنطلاقا من ثأر شخصي له في ذمة الحريري منذ إستقالته في 29 تشرين الأول 2019 وإسقاطه التسوية الرئاسية بعد إنطلاق ثورة 17 تشرين، حيث لا يختلف إثنان على أن باسيل يريد أن يضرب عصفورين بحجر واحد لجهة الحصول على الثلث المعطل، وإدخال الحريري الى الحكومة ضعيفا مرهونا لأمره كونه يمتلك الكلمة الفصل في قراراتها ويتحكم في مصيرها، وبذلك يستطيع باسيل إبقاء عون في قصر بعبدا بعد إنتهاء ولايته بإقالة الحكومة التي لا تعود قادرة على أن تتسلم مجتمعة مهام رئاسة الجمهورية، ما يؤدي الى تمديد مقنع لعون.

أما الحريري فيريد الشيء ونقيضه، فهو يشن هجوما عنيفا على رئيس الجمهورية ويتهمه بالتعطيل والعرقلة، ويتولى تياره السياسي قصفه كلاميا بأقسى العبارات ثم يطلب توقيعه على تشكيلته الحكومية التي سيترأس إجتماعاتها في حال أبصرت النور، ثم يخوض معارك ضارية مع جبران باسيل ويطلب ثقته للحكومة.

وكذلك فإن الحريري يريد تشكيل الحكومة لكنه يخشى الملفات الكثيرة التي ستنفجر في وجهه، وإخفاقه في الحصول على المساعدات التي تحد من الانهيار وتنقذ الوضع، في ظل الحصار السعودي عليه، وربما يفكر الحريري جديا بالاعتذار لكنه يخشى بذلك أن يقدم إنتصارا لمحور عون ـ باسيل على طبق من فضة، ويمنح رئيس الجمهورية مكسبا بتكريس سابقة هي سحب التكليف بطريقة غير مباشرة من الرئيس المكلف، الأمر الذي قد يكون له تداعيات على مستوى الشارع، كونه يشكل إعتداء صارخا على الدستور وعلى صلاحيات رئاسة الحكومة.

كل ذلك، يشير بما لا يقبل الشك، الى أن البلد الذي يفقد مقومات وجوده وصمود أهله تباعا يتجه نحو الانفجار الذي سيدمر البنيان اللبناني بكامله وسيعمم “شريعة غاب” بدأت بوادرها تظهر في الشوارع.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal